الرئاسة اللبنانية والخيار الثالث

قضايا عربية ودولية 2023/10/08
...

علي حسن الفواز

يواصل اللبنانيون بحثهم الساخن عن الاستحقاق الرئاسي، وعن " البطل" الذي يمكنه أن يجمع النقائض، وأن يُخلّص عقدة الرئاسة من سحر الإرجاءات الطويلة، والمواقف المتقاطعة، فالفرقاء ما زالوا يختصمون على الأسماء والسياسات، مثلما يتوجسون من المبادرات الدولية والعربية، وكأن في الأمر الذي يطرحه أصحابها صفقات سرية تستدعي رفض أو موافقة هذه الجهة أو تلك.
الحلول المطروحة متروكة للتأجيل، والأسماء الرئاسية المُختَلف عليها ما زالت تواصل تقاطعها، برغم وجود الرغبة في حصولها على الإجماع البرلماني، وهذا ما يُثير السجال الخلافي دائما، ويجعل اجتماعات مجلس النواب تنتهي بالتعليق لحين اكتمال النصاب لهذا المرشح أو ذلك، والذي هو نصاب سياسي بالدرجة الأولى، وتوافق على حساب المصالح والمواقف التي تتقاطع في الداخل اللبناني.
البحث عن الحل الثالث، أو الاسم الثالث الذي يمكن أن يكون توافقيا ما زال بين أخذٍ ورد، لا سيما أن الموافقة عليه ستكون أيضا مرهونة بالتوافق على حسابات وإجراءات، قد تتحول إلى قيود ومعوقات أمام الرئيس الجديد، ومنها ما يتعلق بطبيعة المواقف الستراتيجية في الداخل وفي الخارج، وفي الموقف من المقاومة اللبنانية، والكيفية التي ستُعالَج بها الأزمة الاقتصادية الصعبة، وأزمة الملف الأمني واللاجئين والنازحين وغيرها..
طرح اسم العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني للمنصب الرئاسي، يصطدم بمواقف وحساسيات داخلية، إذ يتطلب ذلك دعوة مرشحي الفرقاء إلى التنازل عن الترشيح، وإتاحة المجال للتوافق على تكرار إنتاج الرئيس العسكري، كما حدث مع فؤاد شهاب وأميل لحود وميشيل سليمان وحتى مع الرئيس الذي انتهت مدته الدستورية ميشيل عون، وبهذا فإن اختيار جوزيف عون سيكون نوعا من اللجوء إلى "الحل الطارئ" الذي يضطر إليه المختصمون لكي لا يستمر صراعهم العبثي في الخنادق المتناشزة، لكن هذا الخيار لن يكون سهلا، وسيضع أمام "الرئيس الجديد" صعوبات كبيرة، وتعقيدات تتطلب جرأة وإرادة ودعما دوليا وإقليميا ووطنيا، فضلا عن امتلاكه برامج سياسية واقتصادية وأمنية واضحة، وحيازة رؤية متوازنة لضبط إيقاع المشكلات المتفاقمة، ومقاربة عقلانية لخصوصية الملف اللبناني المأزوم، وعلاقة هذا الملف مع  المحيطين العربي والدولي، لا سيما في موقف لبنان من الصراع مع إسرائيل، وكذلك مع الملف الصعب الخاص باستثمارات النفط والغاز في البحر وفي المناطق المتنازع عليها مع إسرائيل.