{طوفان الأقصى}: إسرائيل {نمر من ورق}

قضايا عربية ودولية 2023/10/08
...

 القدس المحتلة: وكالات
 بيروت: جبار الخطاط
 القاهرة: إسراء خليفة

مع الساعات الأولى من صباح أمس السبت، استيقظ الاحتلال الإسرائيلي على «طوفان» لم يألفه، فقد كانت الآلاف من صواريخ المقاومة الفلسطينية تمطر سماء المستوطنات بغلاف غزة، في حين تسلل مقاومو كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى مستوطنات إسرائيل براً وبحراً وجواً، ليوقعوا مئات القتلى والجرحى والأسرى من اليهود المحتلين.
وقال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف - في رسالة صوتية  : إن الضربة الأولى من عملية «طوفان الأقصى» تجاوزت 5 آلاف صاروخ استهدفت إسرائيل.
كذلك، توجه الضيف في كلامه إلى “إخوتنا في المقاومة الإسلامية في لبنان وسوريا والعراق وإيران”، مؤكداً أنّ “هذا اليوم هو الذي ستلتحم فيه الجبهات والرايات”.

نمر من ورق
من جانبه، قال المتحدث باسم الكتائب أبو عبيدة،: إنّ «العمليات تجري كما هو مخطط لها»، مؤكداً أنّ «إسرائيل ستصاب بالذهول عندما تستفيق من صدمتها وتدرك حجم خسارتها»، وأضاف أنّه «على أهلنا في الضفة والقدس التحرك في اتجاه المستوطنات والحواجز للمشاركة في عملية طوفان الأقصى».
وتابع: «ها هو العدو يتهاوى أمامكم كنمر من ورق. يا أهلنا في الضفة دفّعوه ثمن تدنيسه للأقصى.. وها قد وصلكم الجواب على الاعتداءات في الأقصى وعلى نداءات المستوطنين هناك: أين العرب؟»، كما أكد أبو عبيدة أنّ «المقاومة تفتح اليوم كشف حساب مع العدو الذي دنَّس الأقصى وسمح لمستوطنيه بأن يعيثوا فساداً فيه»، وشدد على أنّ «قضية الأسرى كانت ولا تزال حاضرة في هذه المعركة وسيسمع أهلنا وأسرانا ما يثلج صدورهم».
وأصدرت حركة «حماس» بياناً أعلنت فيه، أن «العملية العسكرية المباركة التي أعلنت عنها كتائب الشهيد عز الدين القسام المظفّرة، (طوفان الأقصى)، بدأت صباح السبت رداً على العدوان الصهيوني على شعبنا وأسرانا وأرضنا ومقدساتنا، والذي لم يتوقف رغم التحذيرات التي أطلقتها حركة حماس وفصائل المقاومة».
ودعت الحركة وسائل الإعلام كافة إلى مواكبة عملية «طوفان الأقصى» المباركة «انتصاراً لعدالة القضية الفلسطينية، ولحق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والتحرير والعودة إلى أرضه التي هجّر منها قسراً، وتبنّي الرواية الفلسطينية بأخذ ما يصدر عن الحركة وكتائب الشهيد عز الدين القسام من مواقف ومعلومات في معركة (طوفان الأقصى) دفاعاً عن الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته».

سيطرة المقاومة
وأكد جيش الاحتلال سيطرة حركة «حماس» على عدة مستوطنات مثل «سيدروت» و»ريشون لتسيون» و»بات يام» في غلاف غزة، وأسر عشرات الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، ووقوع عشرات القتلى بينهم رئيس المجلس الإقليمي في «شاعر هنيغيف»، كما ذكرت مواقع خبرية إسرائيلية أن مدن عسقلان وتل أبيب وأسدود تعرضت لقصف بمئات الصواريخ الفلسطينية.
كما أعلنت كتائب القسام السيطرة على كيبوتس وموقع «كرم أبو سالم» العسكري شرقي رفح بعملية اقتحام، وأوضحت مشاهد نشرها الإعلام الحربي للكتائب الاستيلاء على كيبوتس وموقع كرم أبو سالم شرقي رفح، وأظهر الفيديو عدداً من جثث جنود الاحتلال في الكيبوتس المحصّن، الذي اخترق المقاومون جدرانه وتقدموا إليه بواسطة الدراجات النارية.
بدورها، أعلنت «سرايا القدس» في عملية مشتركة ضمن معركة «طوفان الأقصى»، أنّ كتيبة طولكرم وكتائب شهداء الأقصى هاجمواً مستوطنة «بيت حيفر.”، كما أكّدت معلومات إصابة قائد شرطة الاحتلال بالمنطقة الجنوبية، برصاص المقاومين في مستوطنة “سديروت”، فيما أذاعت وسائل إعلام إسرائيلية بلاغاً للشرطة يدعو المستوطنين في القدس المحتلة إلى دخول منازلهم وعدم التجول في الشوارع.
وأطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية – فجر أمس السبت - رشقات صاروخية مكثفة من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، إضافة إلى تسلل بري وبحري وجوي، في حين دوَّت صافرات الإنذار في مناطق عديدة، بينما ذكر مصدر أمني، أنّ “ثمة معلومات عن هجوم سيبراني أيضاً تنفّذه المقاومة الفسطينية باتجاه منظومة القبة الحديدية للاحتلال”.

أسرى وقتلى
وأفادت مصادر فلسطينية محلية بأسر جنود إسرائيليين ونقل عدد منهم إلى داخل قطاع غزة، بينهم قتلى، في حين قالت الإذاعة الإسرائيلية إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسرت 35 إسرائيلياً حتى الآن، وأظهرت صور نشرتها حسابات فلسطينية، وتناقلها عدد من الناشطين، ما قيل إنهم عدد من الأسرى الإسرائيليين، كما أظهرت مقاطع مصوّرة عدة دبابات ومركبات عسكرية إسرائيلية وهي محترقة
وبداخلها جنود الاحتلال.
ووفق حصيلة – غير نهائية – فإن مستشفيات كيان الاحتلال تلقت أكثر من 550 جريحاً من جنود ومستوطني الاحتلال – 80 منهم بحالة حرجة – كما أفادت وسائل إعلام بأن عدد القتلى والجرحى اليهود ربما يتجاوز 2000 شخص.

صدمة الاحتلال
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن عشرات المسلحين اقتحموا مواقعاً للجيش الإسرائيلي في شمال غلاف غزة وأسروا جنوداً كانوا فيه، فيما أظهرت مشاهد مصوّرة سحب الاحتلال لقدرات عسكرية من المناطق القريبة من أماكن الاشتباكات داخل غلاف غزة بينها طائرات حربية، خشية استيلاء
المقاومين عليها أو تدميرها.
أما صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، فذكرت أنّ «واقع نجاح حماس في مفاجأة أفضل الاستخبارات في العالم والسيطرة على حدث لعدة ساعات لن يمحى بسرعة من وعي لاعبين في المنطقة»، وأشارت إلى أنه «حتى دقائق قليلة مضت، كنا مقتنعين بأن حماس غير قادرة على مفاجأة دولة إسرائيل أو إحراجها.. حسناً، كنا مخطئين».
وأكّدت «معاريف»، أنّ «حماس فازت بالفعل بهذا الحدث.. والحقيقة أنها تمكنت من مفاجأة أفضل المخابرات وأكثرها خبرة في العالم، والحقيقة أنها تمكنت من السيطرة على الحدث لساعات طويلة، بينما قامت بضخّ عشرات المقاتلين إلى داخل إسرائيل، مما أدّى إلى مقتل عدد غير قليل من المدنيين والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط وأحد أكثر اللاعبين خبرة وتطوراً في العالم».
وأضافت، أنّ «ذلك لن يتم محوه قريباً من أذهان اللاعبين في المنطقة.. ومن أجل استعادة شيء مما كان عليه الردع الإسرائيلي في السابق، سيتعيّن علينا أن نعمل بجدّ ولفترة طويلة».

فرار المستوطنين
وأظهرت مقاطع فيديو بثَّها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هروباً جماعياً لمئات المستوطنين الإسرائيليين فجر أمس السبت من مستوطنات غلاف غزة، بالتزامن مع اقتحام عناصر المقاومة الفلسطينية هذه المستوطنات.
وعكست التصريحات الصادرة عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعناوين الصحف الإسرائيلية، حالة من الارتباك تشي بأن “طوفان الأقصى” الذي أطلقته كتائب القسام قد أخذ القوم على حين غرة.
فقد قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل تحت الهجوم، وتتعرض لعملية تسلل وصفتها بـ”الإرهابية” تقوم بها حماس، قبل أن تتوعد “سنفعل كل شيء لحماية أنفسنا”، في حين صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن حماس ارتكبت خطأً جسيماً، وبدأت حرباً على إسرائيل.
وتوالت إعلانات الجيش الإسرائيلي بإجراءات يتخذها لمواجهة الموقف، فقد أعلن “التأهب لحالة الحرب بعد تسلل فلسطينيين إلى قلب إسرائيل”. كما أعلن إغلاق طرق ومواقع والتحول إلى طرق بديلة في المناطق القريبة من السياج الحدودي مع قطاع غزة، وتفعيل القبَّة الحديدية، في وقت دوَّت فيه صفّارات الإنذار في مدن الاحتلال.
بيد أن تلك الإجراءات والوعيد الذي أطلقه المسؤولون الإسرائيليون، لم تفلح في طمأنة المستوطنين، الذين أظهرت مقاطع فيديو بثها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كيف لاذ المئات منهم بالفرار من مستوطنات غلاف غزة، بالتزامن مع اقتحام عناصر المقاومة الفلسطينية لهذه المستوطنات.
وسلطت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الضوء على حجم “طوفان” كتائب القسام، فقد اعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن حماس أطلقت نحو 2200 صاروخ من قطاع غزة وشنت هجوماً من البر والبحر والجو.
كما نقلت صحيفة “هآرتس” عن قائد في الشرطة الإسرائيلية قوله “إن مواجهات عنيفة تجري في 21 موقعاً إسرائيل، ورغم استنفار قوات الجيش، فقد أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن العشرات من مقاتلي حماس لا يزالون يتجولون في شوارع المستوطنات الإسرائيلية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن مسلحي حماس سيطروا على 3 مستوطنات على الأقل في غلاف غزة، بعد نحو 5 ساعات من بدء الهجوم المفاجئ للحركة، صباح السبت، وكشفت صور احتجاز عسكريين إسرائيليين في قاعدة عسكرية قرب غزة، بعد أن هاجمها مسلحو حماس.

تحذيرات عربية
دبلوماسياً وسياسياً، حذرت مصر والسعودية وتركيا من ما أسمته بالعواقب الوخيمة للتصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي حين دعت روسيا الجانبين لضبط النفس، أعلن الاتحاد الأوروبي وعدة دول غربية دعمهم لما أسموه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».
ودعت وزارة الخارجية المصرية إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنُّب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر”، محذرةً من تداعيات خطيرة نتيجة تصاعد حدة العنف، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلباً في مستقبل جهود التهدئة”.
وحثت مصر الأطراف الفاعلة دولياً، والمنخرطة في دعم جهود استئناف عملية السلام، إلى التدخل الفوري لوقف التصعيد الجاري، وحث إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني في ما يتعلق بمسئوليات الدولة القائمة بالاحتلال.
وقالت الخارجية السعودية إنها تتابع عن كثب تطورات الأوضاع غير المسبوقة بين عدد من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ودعت الوزارة في بيان للوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين وحماية المدنيين وضبط النفس.
بدوره، حض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل والفلسطينيين على “التصرف بعقلانية” وتفادي المزيد من التصعيد، بحسب تعبيره، وقال إنه فيما تتواصل عملية واسعة لحركة حماس ضد إسرائيل وإعلان تل أبيب أنها في حالة حرب، “ندعو جميع الأطراف إلى التصرف بعقلانية والابتعاد عن الأعمال الانفعالية التي تصعد التوتر”.
وحذّر البرلمان العربي، من التصعيد الخطير الجاري في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والذي سيؤدي للمزيد من موجات العنف، وتفجير الأوضاع  في المنطقة.
وأعرب البرلمان العربي، في بيان، عن استنكاره للجرائم التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال، وتصعيدها الدموي ضد الشعب الفلسطيني، وتصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين المتطرفين وعمليات القتل ضد المواطنين الفلسطينيين وحرق ممتلكاتهم بحماية قوات الاحتلال، محملاً القوة القائمة بالاحتلال، تبعات هذا التصعيد الخطير.

دعم إيراني لبناني
وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن الجنرال رحيم صفوي مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية قوله، إن إيران تدعم عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها المقاومة الفلسطينية على إسرائيل.
وأضاف في تصريحات خلال مؤتمر دعم أطفال فلسطين أنه يهنئ المجاهدين الفلسطينيين بسبب تنفيذ هذه العملية، وأن إيران ستبقى إلى جانب المجاهدين الفلسطينيين حتى تحرير كافة الأراضي الفلسطينية وتحرير القدس وفق تعبيره.
وفي لبنان، قال حزب الله إنه يتابع الوضع في غزة عن كثب وإن قيادته “على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج”، وأضاف الحزب في بيان أن الهجوم كان “رداً حاسماً على جرائم الاحتلال المتمادية، ‏ورسالة إلى العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي بأسره وخاصة أولئك ‏الساعين إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي بأن قضية فلسطين قضية حية لا تموت حتى ‏النصر والتحرير”.‏

أوروبا تساند إسرائيل
أوروبياً، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الاتحاد يدين «بشكل لا لبس فيه» هجمات حماس ويعرب عن «تضامنه مع إسرائيل»، فيما عبر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن صدمته جراء هجمات من وصفهم بـ»إرهابيي حماس» ضد المواطنين الإسرائيليين، مؤكد أن بلاده تدعم حق إسرائيل التام في الدفاع عن نفسها، وفي باريس، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه «يدين بشدة الهجمات الإرهابية التي تستهدف إسرائيل حالياً»، بحسب زعمه.
كما أعلنت، إيطاليا وألمانيا وأوكرانيا وإسبانيا دعمها لما زعمت أنه «حق إسرائيل» في الدفاع عن نفسها.