عواطف مدلول
عجزت علا عن ايجاد حاجة كانت قد وضعتها سابقا في مكان ما بالبيت، لا تتذكر بالضبط أين؟ وقد تاهت عنها وسط الأغراض الكثيرة المتراكمة، التي باتت تأخذ مساحاتٍ واسعةً دون نفع منها، حيث تحرص والدتها بشكلٍ دائم على عدم التخلص من مختلف الأشياء لأنها تعتز بها لدرجة التعلق، حتى وإن أصابها العطل، معتقدةً بأنها ربما سوف تحتاجها مستقبلا، لكن تمر السنوات فتكثر وتتكدس لتصبح أحد المعيقات، الذي يسبب الفوضى ويشوه منظر المنزل من الداخل ويدمره.
تقول علا في كلِّ مكانٍ أجد حاجة يمكن الاستغناء عنها، لأنها خزنت من مدة طويلة، ولذلك ننسى لدرجة أننا نشتري أحيانا غيرها، وبالرغم من أن هناك غرفةً بالطابق الثاني مخصصة لتلك الأغراض، لكن أراها أحيانا في زوايا مختلفة من البيت.معاناة علا يبدو أنها لن تنتهي، وهي تحاول إقناع والدتها بالتخلي عن عادة تجميع الحاجيات وتركها، على أمل العودة لها مجددا واستثمارها، وذلك لم يحصل أبدا.
الطاقات الايجابيَّة
ترى مروة ماجد أن الأغراض الفائضة عن الحاجة ينجم عنها صعوبة بتنظيف المكان، كما أنها تعرقل دخول الطاقات الإيجابية، خاصة أنَّ جو العراق مليءٌ بالغبار وباستمرار، كما أن مساحات بعض المنازل صارت ضيقة بعد ان قطعت الكبيرة منها، ووزعت بين أفراد الأسرة كوحدات سكنية صغيرة، لذا لا ينبغي أن تشغل بأشياء غير ضرورية، وإلا فإنّها ستخنق المكان وتخلق نوعًا من التزاحم.
من ناحية أخرى فإن سعد كاظم صراعاته ومناقشاته الحادة مستمرة مع زوجته، بعد أن أخذ على عاتقه مراقبة كل ما تحتفظ به من أغذية في الثلاجة أو المجمدة لمدة معينة، لا سيما اذا تتجاوز حدود صلاحيتها فيعمل على رميها، أو قبل أن تتعرض للتلف، خلال يومين أو ثلاثة، يحاول أن يعطيها لمحتاج، لأنه يعرف تمام المعرفة بأنها لن تستهلك من قبل الأسرة وستبقى فترة طويلة مخزّنة.
يبيّن كاظم بانه لمرات عدة يحرص على تنظيف البيت بكامله وتخليصه من كل شيء زائد، ولا يعد مهما لأنه يجد بقاءه ثقيلا على النظر والقلب، معتبرا اكتناز الأشياء حالة مرضية يصاب بها الشخص، من دون وعي منه ويفترض تنبيهه عليها.
العبقري
وبعكسه تماما فإنَّ الجد محمد يحب أن يكتشف ويخترع ما هو جديد من الأجهزة العاطلة، ويخلق من بقاياها أشياءً ممكن استخدامها، لذا فرّغ لها مساحة بسطح البيت، الذي تحول إلى ساحة للسكراب، يقول حفيده عباس: بما أن جدي جالس بالبيت، فإنه غالبا ما يشغل نفسه بالبحث وسط أكوام الأغراض الذي يقضي معظم وقته بينها، وكثيرا ما نتحدث بيننا ونقول، لو أنه كان قد أكمل دراسته وتوفرت له فرصة للإبداع، أكيد كان وضعه ومكانته تختلف، فنحن نصفه بالعبقري، الذي يبتكر من لا شيء كل شيء، وذلك يمنحه مزيدًا من الحيوية، واشار عباس إلى أن العائلة لا تنزعج من سلوكه هذا، لكونه أفضل من التفكير بالمرض ومنغصات الحياة.
أفكارٌ وتاريخ
تؤكد رجاء المسعودي مدربة تنمية ذاتية ومعالجة بمسارت الوعي وبتقنيات الطاقة الحيوية والثيتا هيلينك، أن الأشياء المتراكمة تحمل أفكارا وتاريخا، إذ إن كل قطعة من الأثاث، حتى لو كانت كيس بلاستيك قمنا بتخزينه، فإنَّ له ذكرياتٍ معينة، قد تكون حزينةً أو مؤلمة، لذا فإن طاقتها سامة تبث على البيت سلبيات، مثل تلك الفكرة التي تدور بمخيلتنا وتكون مؤذية بالنسبة لنا، كلما فتحنا سيرتها بمواضيع تخصها، فإنها تثير مشاعر معينة لدينا، الحال نفسها مع الأشياء القديمة، والتي لا تعني لنا شيئا، لكن في حال تمَّ استخدامها، فالامر ليس فيه أي مشكلة لكوننا عملنا على تجديد الطاقة فيه، حتى لو رغبنا بالاحتفاظ بها، فتاثيرها ليس سيئا، خاصة اذا استعملت بين آونة وأخرى.
وتنصح المسعودي اذا كانت هناك ذكريات لشخص متوفى أو غائب أو أحداث بالمكان، بالضرورة أن يتم تطهير وتغسيل طاقي له أو على الأقل تبديل أغراضه، وتجرى تحديثات على المقتنيات، لأن التخزين يغلق كل المنافذ وينشأ بلوكاتٍ طاقية، فهو يوقف الحال وقد يمنع الرزق وتدفق المال، وهناك من يسبب أمراضا، كون هذه المشاعر بتلك الطاقة باقية في ظل خوف كبير من فقداتها، لذا يجب معالجة من هذه الحالة وذلك يشمل الكل، بما فيها الأثاث والذكريات والمشاعر والأكل وأي شي نتمسك به، حتى لو كان ثمينا.
ذكريات الأماكن
وتلفت المسعودي إلى أن الموضوع نفسي بحت ويحتاج لوعي وفهم لاتخاذ القرار بالتغيير، من خلال اتباع خطوات التنظيف وإزالة الاتربة بالنسبة للأثاث، وتحريكها ووضعها بمكان آخر مخصص لها، حتى يجري سريان للطاقة بالبيت، لأن الطاقة لا تفنى ولا تعدم، لكن ممكن تحويلها بسرعة مذهلة، لكي تمنح إحساسًا بالطمأنينة والبهجة والسرور، وتخلق جوا مليئًا بالصحة الناجمة عن الحالة النفسية الممتازة، وبالتالي أن ينعم الشخص بالسلام والهدوء، بدلا من الغضب والقلق والخوف.
موضحة أن ذلك الأمر يتضمن الأحجار الكريمة، التي تحمل ذكريات الأماكن التي أتت منها، واللوحات التي تضم رسوماتٍ سلبية، والأكل المخزّن، الذي يفضل عدم تناوله، لأنه يسبب القولون والخمول وكثيرًا من الاعتلالات التي تحصل بالجسم.
قانون الحياة
وتختتم المسعودي بالاشارة إلى أنه في قانون الحياة أي شيء جامد واستطعنا التخلي عنه، سوف نحصل على شيءٍ أفضل منه يدخل حياتنا، ويقلبها للأحسن فينقلنا لمستويات أعلى من جميع النواحي، فيفتح الأبواب أمامنا بكلِّ محبَّةٍ وأمان.
مضيفة: غالبا ما أقوم بجلسة طاقة حب عميقة للبيت وللجيران والحي من حولي، من أجل تحقيق تنقية عامة تشمل بيئة كاملة، حتى الأماكن الأثرية المهدّمة التي جرت بها الحروب والمآسي، ممكن أن نعمل ذلك فيها، لإزالة كل المعيقات التي تجعل طاقتها راكدة، مشيرة إلى أن الموضوع واسعٌ وكبيرٌ وفيه تفاصيل دقيقة، تحتاج لأن توظف جميع النوايا للوصول إلى هدف صد كل ما
يؤذينا.
