إحلال الدينار محلَّ الدولار

اقتصادية 2023/10/09
...

محمد شريف أبو ميسم



أخيراً أعلن البنك المركزي العراقي في بيان له الأسبوع الماضي أنَّ "السّنة المقبلة ستشهد حصر جميع التعاملات التجارية الداخلية وغيرها بالدينار العراقي بدلاً من الدولار، عدا تلك التي تسلّم للمسافرين".

ليكون تمويل التجارة الخارجية مباشرةً للتجار المتعاملين بالحوالات خارج المنصة الإلكترونية، عبر المصارف المجازة التي ستتعامل مع بنوك مراسلة في عمليات التحويل الخارجي وبالعملة المحلية للدولة التي يريد التاجر الاستيراد منها، حينها سيتم الاستغناء عن مزاد الدولار شيئاً فشيئاً ويتدخل المركزي لضبط سعر الصرف عبر التحول في أدواته النقدية التي ستكون أكثر فاعلية في تحقيق الاستقرار النقدي، جراء الانحسار المتوقع لما يسمى بالسوق السوداء وظهور سوق موازية حقيقية تسهم مساهمة فاعلة في تمويل الطلب الكلي للعملات الأجنبية بعد أن يتم تداول العملات المحلية لدول التبادل التجاري داخل السوق الموازية على إثر فتح قنوات تحويل لتلك العملات بشكل رسمي. وبهذا سنشهد مرحلة جديدة تكون فيها أسعار الصرف أكثر استقراراً من المراحل التي شهدتها السنوات الماضية في حال تم ضبط عمليات تهريب الدولار التي يتوقع لها أن تنحسر تلقائياً بانحسار المعروض الدولاري داخل السوق السوداء.

آنذاك ستشهد البلاد بداية حقيقية لبيئة استثمارية جاذبة، إذ غالباً ما كان الإرباك في سعر صرف الدولار عنصراً طارداً للمستثمرين جراء عدم قدرتهم على الخوض في مساحة التوقعات التي كان يتذبذب فيها سعر الصرف، ما يجعل دراسات الجدوى المالية أكثر صعوبة في احتساب كلف الإنشاء والتشغيل وفترات استرداد الكلف الكلية وحسابات الأرباح. هذا فضلاً عن العوامل الطاردة الأخرى التي كانت تتمثل في ارتباك الوضع الأمني وعدم اكتمال التشريعات ذات الصلة بالبيئة الاستثمارية وبتنظيم علاقات السوق بجانب عدم تفعيل حزمة القوانين الاقتصادية التي تم تشريعها وتفشي ظواهر الفساد والبيروقراطية. 

إلا أنَّ ثمة إشكالية تربط بين سعر الصرف وكلف الإنتاج في الدول المجاورة مقارنة بكلف الإنتاج في الداخل العراقي، فكلما كانت أسعار صرف عملات الدول المجاورة منخفضة أمام العملات الأخرى كما في تركيا وإيران وسوريا مقارنة بسعر صرف الدينار العراقي، كانت كلفة إنتاج السلع في تلك الدول أقل من كلفة إنتاج مثيلاتها في العراق، ما يجعل بيئة الاستثمار غير جاذبة على مستوى إنتاج السلع التقليدية التي تنتج في دول الجوار ما لم يتم ضبط الحدود لحماية المنتج المحلي بجانب حماية أسعار الصرف من تهريب العملة.