الأميَّة النسويَّة

اسرة ومجتمع 2019/05/10
...

عالية طالب
العراق هو اول بلد في منطقة الشرق الاوسط استطاع القضاء على الأمية بشكل تام في ثمانينيات القرن الماضي، ولكن الحروب والحصار والواقع الهش ادت الى ارتفاعها مجددا وخاصة بين النساء وفي القرى والأرياف والمناطق البعيدة عن مراكز المدن، لتصل الى اكثر من 20 بالمئة خلال التسعينيات واستمرت بالصعود الى 50 بالمئة مع بقاء نظام التعليم الالزامي لكنه لم يعد فاعلا كالسابق
لكن ما نقصده بالأمية النسوية لا يتعلق فقط بمعرفة القراءة والكتابة، فجداتنا اغلبهن كن لا يعرفنها لكنهن انتجن جيلا من المميزين في كل المجالات العلمية والانسانية وما زلنا الى الآن نطلق عليهم “ جيل الرواد” الذين تركوا بصمة مميزة في تاريخ العراق، لم تكن تلك النسوة يتمتعن بالحكمة اللفظية فقط، بل كن قادرات على الابداع بفن الادارة والتربية وتحمل ضغط حياة تفتقر الى التكنولوجيا وتسهيلاتها وضمن عائلات كبيرة ومنازل صغيرة.
المرأة الواعية هي من نبحث عنها وليس المرأة المتبنية لثقافة قشرية ومنهج لا يغني العقل ولا يعمل على تنمية القدرات التي تمكنها من تقديم المميز لنفسها اولا ولعائلتها ثانيا ولمجتمعها ثالثا، وان بقيت المرأة كل همها الزواج والبحث عن شريك من دون ان تعي خطورة الاقتران العشوائي فانها ستعمل على احداث الثغرات في مجتمع تزداد فيه نسب الطلاق بتواتر متسارع مع كل ما تنتجه من اثار اجتماعية واسرية وتربوية وغالبا ما يدفع ضريبتها الاطفال الذين  هم نتاج شراكة غير متماسكة يشوبها الكثير من الامية في التعامل والقرار وتحليل النتائج ومفهوم العيش المشترك المرتكز على فهم العلاقة مع الاخر وعدم رمي الكرة الى ملعب الاقدار وتحكمها بالمصائر.
ليس المطلوب ان تعمل الدولة على تفعيل قرار محاربة  التسرب من المدارس فقط ، بل عليها ان تضم في مناهجها ما يدعم منطقة الوعي المجتمعي عبر مناهج قادرة على اثارة الانتباه لاهمية الوعي الانساني في التعامل على مفهوم الشراكة وألا تقتصر على  صورة المرأة القابعة في مطبخها الازلي، بل المرأة الواعية القادرة على حل وتذليل كل الصعوبات التي تواجه الاسرة ضمن التعامل الفردي والمجتمعي .. وفي  الوقت نفسه لا بد  لهيئة الاعلام والاتصالات من الزام الاعلام المرئي والمسموع على تنفيذ فقرات البرامج الهادفة في تقديم صورة المرأة الايجابية الواعية التي تتمكن من ادارة شؤونها واسرتها من دون ان تتحكم فيها نوازع البحث عن هدر الوقت أو الانشغال بمظاهر سلبية تؤدي الى تفتت التلاحم الاسري واضطراد حالات التسيب بجميع اشكاله ومنها التسرب من تنمية العقل واستثمار طاقاته والتحكم في الانفعالات ودراسة الاثار السلبية التي يمكن ان تعيشها الاسرة بشراكة امرأة غير قادرة على تحمل مسؤوليتها الخاصة والاسرية.
الدولة بمؤسساتها التربوية والاجتماعية مطالبة بتحسين واقع المرأة والقضاء على مظاهر التخلف والجمود العقلي وعدم اخذ مبدأ المبادرة بالاعتبار وانتاج شخصيات  اتكالية لا تجيد تقديم الافضل لنفسها ومجتمعها واسرتها .