المراهقون بين ضغطين.. إباحيات ومحرّمات

منصة 2023/10/12
...


أكثر ما يقلق الدولة هو خوفها من التفكك الأخلاقي في المجتمع، وأكثر ما يقلق الأسرة العراقيَّة هو الخوف على بناتهم وأولادهم المراهقين من أنْ يرتكبوا خطأ أخلاقياً أو انحرافاً سلوكياً ينال من سمعتها واعتبارها الاجتماعي. ولا يعود السبب فقط الى طبيعة مرحلة المراهقة التي بها تبدأ الأجهزة الجنسيَّة بالعمل وحصول تغيرات فسلجيَّة ومزاجيَّة وتوجهات عاطفيَّة نحو الجنس الآخر.

إنما الأخطر ظهورُ متغيراتٍ جديدة مقلقة للأسرة ومغرية للمراهقين والمراهقات، هي تحديداً: القنوات الإباحيَّة والموبايلات.
فالعراق يكاد يكون البلد الوحيد في المنطقة الذي لا توجد فيه رقابة على فضائيات ممولة من عربٍ تخّلوا عن دينهم وأخلاقهم وصاروا يتاجرون بالجنس بطريقة تثير غرائز المكبوتين جنسياً.
والمشكلة أنَّه لم يعد هناك مراهقٌ أو مراهقة ليس في جيبه أو في حقيبتها موبايل، وإنْ لم يكن لديه استعان بصديق.
والمحنة النفسيَّة التي يعيشها المراهقون والمراهقات أنَّهم واقعون بين مغريات تأخذهم لعالم الجنس ليكتشفوا أسراره ويتعرفوا على المجهول وما يشاهدون فيه من متعةٍ وإثارةٍ، وبين قيمٍ وتقاليد تحرّمُ عالمَ الجنسِ وتفرضُ عقوبات صارمة على من يتجاوزها، فيعيش المراهق/ المراهقة حالة صراعٍ نفسي بين دافع اكتشاف عالمٍ لم تزوده الأسرة ولا المدرسة بمعرفة نظيفة عن هذا الذي يراه مدهشاً وممتعاً ومثيراً عبر الفضائيات الإباحيَّة، يدفعه الى إيجاد “حبيبٍ» صار الوصول إليه سهلاً عبر الموبايل، وبين الخوف من سلطة الأب والقانون التي لن ترضي المجتمع إلا بأنْ تكون العقوبة قاسية، بما فيها القتل إذا كانت مراهقة، حتى لو كانت بوشاية أو مكيدة، وحصل.
والمحنة المتعبة، أنَّ الأسرة أصيبت بهوس الشك في بناتها وأولادها المراهقين.
فالأب تحوّل الى محققٍ مع ابنه المراهق، والأخ الكبير الى شرطي يراقب أخته حين تخرج من المدرسة، والأم تتحرى موبايل ابنتها عن المكالمات الصادرة والواردة، وتقارير التسليم، فصار البيت أشبه بدائرة
أمنيَّة.
والواقع أنَّ كل إجراءات الأسرة هذه فضلاً عن أنَّها غير تربويَّة، فإنَّها غير مجدية؛ لأنَّ المراهق أو المراهقة إذا نوى على فعلٍ غير أخلاقي، تحايل على هذه الإجراءات “الأمنيَّة» وارتكبه، بينما الحل الصحيح يكون بإجراءين:
قيام وزارة التربية بتضمين المواد الدراسيَّة المناسبة بمرحلتي الدراسة المتوسطة والإعداديَّة بثقافة علميَّة عن الجنس، مصحوبة بإرشادٍ وتوعية تعمل على إقامة علاقات أسريَّة حميمة، وقيام وسائل الإعلام بتشكيل ضميرٍ أخلاقي لدى المراهق والمراهقة مستوعبٍ للقيم الدينيَّة والاجتماعيَّة، وملتزمٍ بها إيجابياً.
ومؤكد أننا إذا نجحنا في تحقيق هاتين المهمتين، فإنَّنا سنصلُ الى حقيقة أنَّ الضمير هو أفضلُ رقيبٍ وأحسنُ شرطيٍ يحرسُ المراهق/ المراهقة، ويبثُ الطمأنينة في الأسرة، وينهي الضغطين عن المراهقين.