مسارات إحياء محتوى الدولة الثقافي

آراء 2023/10/15
...

 د. محمد وليد صالح


صناعة السياحة الثقافيَّة والآثارية ارتبطت بالرغبة الإنسانية في المعرفة وتخطي الحدود، وأن حركتها تطورت مع الإعلام الرقمي التي تشمل المعلومات والصور والبيانات والمقاطع المرئية، فهي صناعة العالم الأكثر تطوراً وتفهماً وتفتحاً، لا سيما أهميتها في هذا المجال لاعتماد برامج ستراتيجية في التوعية السياحيَّة الأثريَّة  بين أفراد المجتمع، بوصفها نشاطا اقتصاديا وموردا مهما للدخل القومي في البلد، لتصحيح المفاهيم وترسيخها، كل ذلك يحتاج إلى توظيف امكانيات وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية المختصة واستثمار شعورها 

بالمسؤولية. 

إن استحداث المناسبات من أطر تمييز المحتوى الثقافي التي لا يقتصر فيها مفهوم السياحة الثقافيَّة في وقتنا الحالي على الثروات التأريخية والحضارية، وإنما أدخلت عليها عناصر جديدة، سواء كانت المتاحف الوطنيَّة الرقمية والمتاحف المتنقلة أو الجوالة والمهرجان والمسابقات الثقافيَّة أم الرياضية، واستثمارها بما يحقق تنويع المنتج السياحي لجذب شرائح جديدة من السائحين، فضلاً عن إحياء المسارات القديمة والدروب الأثريَّة  المحليَّة والدوليَّة، التي كانت مكرّسة لاستعمالات الناس، وبكل ما كان عليها من برك وآبار وخانات وشواهد وأعلام بطرازها القديم وأشكالها التأريخية لتعزيز السياحة الثقافيَّة، مثل المسارات الدينية والرحالة المشهورين وطرق الحج والقوافل القديمة، ويمكن إنشاء أخرى سياحية جديدة بهدف توسيع الدائرة السياحيَّة، لتشمل مناطق متنوعة تحتوي على مقومات سياحية آثارية للمساهمة في عملية التطوير. 

إذ تعد الوسائط الثقافيَّة من أهم الحوافز التي تدفع السائح إلى زيارة منطقة معينة والبقاء فيها لمدة زمنية محددة، ومن هذه الوسائط الفرق المسرحية والعروض الكشفية والموسيقية في الأماكن التاريخية والأثريَّة لتقديم النشاطات الثقافيَّة المتنوعة المرتبطة بالتنشيط السياحي والآثاري، ويعد التراث الأدبي والاجتماعي والموسيقي مادة ثقافية سياحية حيّة ومعبرة عن واقع البلد. 

ويمكن أن تكون الأندية والمراكز الثقافيَّة رافداً ناجعاً لتنشيط السياحة الثقافيَّة بوساطة تنوع عروضها ونشاطاتها الفنية لجذب السائحين، كالمحاضرات وعرض التجارب الميدانية لفرق عمل التنقيبات الأثريَّة ، وتكمل عملها افتتاح معارض الصور الوثائقية عن الحرف والصناعات اليدوية والفنون التشكيلية والأزياء والفلكلور الوطني والمأكولات الشعبية، لدورها الواضح في التعريف بالتراث الثقافي. 

وتطلُّ عبر نافذة سياحة المؤتمرات على العواصم المتنوعة حول العالم بالمشاركة في المؤتمرات والحلقات الدراسية والالتقاء مع الباحثين من جنسيات مختلفة فرص تطوير متعددة للمواهب والقدرات، فضلاً عن المهرجانات التأريخية والمواسم الفنية والأعياد لتبادل زيارات الوفود، وكثيراً ما تهتم الدول بعقد المؤتمرات العلمية والمنتديات الثقافيَّة واللقاءات والحوارات الدولية والعالمية، لأهميتها للبلد ونقل صورة ذهنية ايجابية للدولة، وتهيئة مكانتها بين أعضاء المجتمع الدولي وتأييد الرأي العام العالمي لها والحصول على ثقته بمواقفها من القضايا السياسية المختلفة، إذ تمثل أسلوب دعاية سياحية ومصدر ترويج ثقافي  وإعلامي.