د. ياسين طرار غند
كثيرٌ من الباحثين يَحرصون على حضور المؤتَمرات العلمية والمشاركة فيها بالبحوث أو التعقيبات، أو غير ذلك من صور المشاركة، وهذا أمرٌ حسنٌ؛ لما فيه من صقل التجارب العلمية، ومعرفة ما لدى الآخرين حول العالم من العلم والفهم والجديد، والتعرف على طبائع الناس والبلدان، لا شك في الأهمية والدور الكبير، الذي قدمته الأبحاث العلمية والدراسات في تحسين الكثير من جوانب الحياة، ولكن في المقابل نسمع عن عدد من الأبحاث، التي قامت سابقاً في أحد المجالات، وتم التصريح عنها ونشرها حديثاً، ولو تم نشرها في ذلك الوقت لقدمت انفتاحًا وتقدمًا أكبر مما نحن عليه اليوم، فالبحث العلمي لا قيمة له ما لم يتم نشره. ومن خلال إطلاعي وحضوري ببعض المؤتمرات أو مشاهداتها أو استطلاعي مع بعض المشاركين أو في كتابة محاورها، غير أنه لفت نظري في تلك المؤتمرات تكرار بعض السلبيات، التي أرجو أن يسعى الباحثون والمنظمون للمؤتمرات العلمية لتلافيها، ومحاولة الارتقاء بالمؤتَمرات العلمية في كل جوانبها، وبهذا تؤتي هذه المؤتمراتُ ثِمارها حقاً، لا سيما أنه يُنفق على هذه المؤتَمرات مبالغُ ماليةٌ كبيرة، جديرٌ بالعقلاء أن يستثمروها أحسن استثمار. على ألّا يكون المؤتمر:
1 - مضيعة للوقت: يتطلب المؤتمر الكثير من الحاضرين للاجتماع في وقت واحد في وقت ومكان محددين. قد يستغرق هذا وقتًا حيث يجب إبعاد الأنشطة الأخرى لغرض المؤتمر.
2 - عدم القدرة على التوصل إلى قرار: بالطريقة نفسها التي يكون فيها «رأسان أكثر فاعلية من رأس واحد»، قد يكون العكس صحيحًا أيضًا أن «عددًا كبيرًا من الطهاة يفسد حساءهم». يمكن أن يؤدي تنوع الآراء والإحجام الشخصي للمشاركين إلى منع المجموعة من اتخاذ القرار الذي يمكن أن يتخذه المسؤول التنفيذي بمفرده. وهذا يكون عندما تتشارك أكثر من جهة، وكل جهة تريد أن تفرض رأيها على الآخر.
3 - عدم الجدية: تواجه العديد من المؤتمرات عيبًا يتمثل في وصول الحضور بطريقة غير مستعدة ويعتقدون أن الآخرين سيهتمون بالحديث والتفكير. يعتقدون أنهم يستطيعون الحصول على كل شيء دون بذل الكثير من الجهد. لقد قيل بحق، «وظيفة الجميع ليست عمل أي شخص». وهذا يحدث عندما تكون بعض اللجان ليس من ذوي التخصص والاختصاص، ولاحظ أن كثيرا من اللجان التي يتم وضعها في اللجان العلمية أو التحضيرية، تكون وفق مجاملات من أجل الحصول على تقييم سنوي.
4 - الرئاسة غير الخبيرة: كما يقود الطيار الطائرة بالطريقة نفسها التي يتحكم بها الرئيس في المؤتمر. يمكن أن يؤدي افتقار الرئيس إلى الخبرة ونقاط الضعف/ التحيزات الشخصية إلى فشل الحدث.
5 - باهظة الثمن: تكلفة تنظيم المؤتمرات باهظة. يتطلب مكانًا في المقام الأول، وأوراقًا، واتصالات مسبقة، وترتيبات طعام، وتفويض عمل، وسفر المشاركين. لوحظ هناك بعض المؤتمرات التي لا جدوى فيها يتم اعدادها من اجل تبوير الأموال للسفر ولاصحاب النفوذ.
6 - عرضة للاضطراب: يمكن أن يتعرض المؤتمر لخطر مقاطعة عنصر لا يتماشى مع الغرض. هناك حالات عندما يؤدي عدم قدرة الراكب على التكيف إلى إعاقة الرحلة بأكملها. هذا هو الحال مع المؤتمرات. قد ينقص بعض المشاركين الحماس للعطاء والتلقي.
7 - سلبيات تتعلق بالشخصيات المتحدثة: حيث يقصد بها السلبيات التي تركز على الشخصيات المتحدثة بشكل مباشر من مثل عدم اقتناع الشخصية المتحدثة بالمؤتمر الصحفي أو سلبيات متعلقة بالخوف من الوسائل الإعلامية، أو أن يكون المتحدث من الأشخاص التي تهاجمهم المؤسسات الإعلامية، أو أن يكون المتحدث ليس لديه ما يقوله أو عدم امتلاك المتحدث المهارات، التي تمكنه من التفاهم مع جميع الأطراف المشاركة.
8 - تداخل العناوين والجهات: هناك بعض المؤتمرات يكون أصحابها من هو في السلك العسكري ويقيم مؤتمرًا في الجانب الطبي، وهناك من هو في الجانب المدني يقيم مؤتمرًا في الجانب الأمني، وهكذا قد يعود ذلك إلى أن بسبب بعض المرؤوسين هو يترأس مكان خارج تخصصه، وذلك يبقى يعاني من صراع التخصص السابق والوظيفة الحالية التي يعمل بها.
9 - استخدام شعارات غير علمية لا تمت للمؤتمر بصله ويفترض العنوان يعبر عن محاور المؤتمر والمشكلة التي يسعى المؤتمر لإيجاد حلٍ لها.
10 - المجاملات العلمية: وهو قبول بعض البحوث ونشرها وهي غير مقبولة علمياً، وقد تكون مسروقة وبعيدة عن الصلب المحور. وهذا يعود إلى ضيق الوقت المعد للمؤتمر وضعف الرقابة العلمية للبحوث.
11 - اقترح على ألّا يقام المؤتمر إذ لم يحدد المشكلة التي يراد حلها، وليس فقط مجرد إعداد مؤتمر، وأنَّ جميع اللجان تتم معرفة بياناتهم، وهل هم من ذوي الاختصاص والتخصص؟ وعدم السماح للجهات أو المؤسسات أو الهيأة غير المسؤولة بإقامة الفعاليات، ما لم يكن من صلب عملها.