يونس جلوب العراف
هي مفاجأة غير متوقعة وخارج سياقات المألوف، إذ لم تكن عملية طوفان الأقصى مجرد عملية فدائية فلسطينيَّة، كالتي نشاهدها في كل مرة في القنوات الفضائيَّة بل كانت كارثة على رؤوس المحتلين الصهاينة وعملية عسكرية جريئة لا تستطيع أي قوة القيام بها لذلك يمكن عدها الحدث الأبرز في القرن الحادي والعشرين لوجود الفوارق الكبيرة بين ما يمتلكه الفلسطينيون من أسلحة بسيطة بالمقارنة مع الإمكانيات، التي يتسلح بها عصابات الكيان الصهيوني على جميع المستويات.
يمكن القول إن الذي حدث هو بمثابة طوفان اكتسح الصهاينة في عقر مستوطناتهم في عملية يصلح ان نطلق عليها اسم العملية العسكرية الفدائية المزدوجة، التي جعلت الصهاينة في موقف المدافع، الذي لا يعرف كيفية التعامل مع ما يدور حوله وهو الهدف، الذي سعى إليه الفلسطينيون من القيام بها، فالصدمة هي العلاج لمثل هكذا متعجرفين كانوا يظنون أن قبتهم الحديدية ستحميهم من الغضب الفلسطيني ولكن خاب ما يتمنون.
الفلسطينيون يعرفون أن الصهاينة لن يسكتوا على ما حدث لهم، وسيقومون بضرب الضفة الغربية وقطاع غزة بالطائرات المقاتلة والصواريخ وهو ما حدث فعلا، لكنهم قرروا القيام بعملية طوفان الأقصى لإثبات الوجود، وأنهم لن يكونوا بعد الآن إلا اندادا غير قابلين للاستسلام.
في مقابل كل ذلك يجب طرح سؤال مهم وهو ماذا بعد طوفان الأقصى وكيف سيكون الوضع العام في فلسطين المحتلة على ارض الواقع؟ والاجابة هنا تستدعي التحليل المبني على المعطيات الحالية مع شطحة من الخيال وأنا أرى أن العمليات العسكرية بين الطرفين ستكون مكلفة لتمسكهما بالعناد، لكن ستكون هناك مجموعة حلول للازمة، وأولها حل قريب من حل الدولتين يتم من خلال تدخل دولي وإدخال قوات القبعات الزرق لفض الاشتباك بين الطرفين مع توقيع اتفاقية عدم التعدي أو وضع حل شبيه كما في جنوب لبنان، وهو وضع قوات القبعات الزرق بين الطرفين، وهذا سترفضه فصائل المقاومة الفلسطينيَّة بكل تأكيد، لكونها الآن في موقف قوي يمكنها من خلاله التفاوض على العديد من القضايا الهامة ومنها تبادل الأسرى والتعامل مع الصهاينة كند على ارض الواقع.
إن الشيء المؤكد وفي ضوء وجود اللوبي الصهيوني في العديد من المنظمات الدولية فان الفلسطينيين سيواجهون العديد من الضغوط الدولية التي من الممكن ان تؤثر نسيبا في سير المعارك ومنها قطع المساعدات المالية وهذا ما ظهر في موقف الاتحاد الأوروبي الذي أعلن عن قطع المساعدات وقد تكون هناك دول أخرى ستنتهج هذا الأسلوب وهذا لن يكون مستغربا، بل يجب أن يكون الفلسطينيون مستعدين له ووضعوا له الاحتياطات اللازمة، من أجل الخروج من هذه الحرب منتصرين إن شاء الله كون العمل الحقيقي، يجب أن يستمر على وفق المستجدات والتوقعات المبنية على مواقف مشابهة سابقة وعدم الاعتماد على الدعم الخارجي بصورة كبيرة.