زهير كاظم عبود
يشكل الصراع العربي الإسرائيلي عقدة ليس من السهولة أن تتفق الأطراف على إيجاد الحلول المتناسبة، خصوصا مع عدم توفر الأرضية والثقة المنعدمة والعداء المستعر بين الفصائل الفلسطينيَّة وحكومات الاحتلال المتعاقبة
وما يزيد الامر صعوبة ذلك التعنت والغطرسة الإسرائيلية والوهم، الذي يسيطر على عقول أغلب قيادات إسرائيل في قدراتها الاستخبارية والعسكرية، وذلك الامر منوط بحكومات عربيَّة هشة أو ساعية وراء الأوامر الأمريكيَّة بتخفيف حالة العداء مع إسرائيل.
الحقيقة التي تغيب عن العقل الإسرائيلي دوما هو وجود شعب فلسطيني عربي يقع ضمن مناطق احتلالها، وهذا الشعب بالتضامن العربي عموما يناضل ويكافح من أجل إنهاء سيطرة القوات المحتلة على الأرض الفلسطينيَّة وبقية الأراضي العربيَّة التي احتلتها إسرائيل بالقوة الغاشمة، ولذا تراهن إسرائيل على الزمن، وتضع حساباتها على التخفيف والتوافق والتصالح القائم بين بعض الحكومات العربيَّة وبينها، غير أنها تخطئ حين تهمل عناصر أساسية في قضية التقارب والتسوية بينها وبين الفلسطينيين، أولها إنها تتقارب مع حكومات لا مع الشعوب، وثانيها إنها تعتبر أن شعب فلسطين ورقة يمكن اللعب بها، وثالثها قضية اقتناع الشعب العربي عموما من عدم جدوى قضية التطبيع، ورابعها وجود حالة من الرفض العام للراهن الإسرائيلي مغروس في الذهن العربي، من خلال الثقافة المزروعة منذ قيام دولة إسرائيل، وخامسها أن هناك شعبًا متشردا في العديد من البلدان العربيَّة والأجنبيَّة يطالب بالعودة إلى
أراضيه.
وخلال العقد المنصرم برزت إلى الواقع حالة قيام الفصائل الفلسطينيَّة المسلحة التي قاومت إسرائيل وفق امكانياتها، ولعلها حققت بعض من النجاح في لفت انظار العالم إلى القضية الفلسطينيَّة، وحق الشعب الفلسطيني في الحياة وإقامة دولته على الأرض الفلسطينيَّة وعاصمتها القدس، كما حققت خوفا ورعبا في حياة القاطنين في المستعمرات المحاددة إلى دولة لبنان وسوريا والأردن، وتمكنت تلك الفصائل، بالرغم من الشرخ والافتراق، الذي أصابها سياسيا أن يكون صوتها المركزي عبر منظمة التحرير الفلسطينيَّة أن تكون صوتا اصبح له قيمة واعتبار دوليين، لذلك استهانت إسرائيل بجميع الحلول معتقدة بأن المفاوضات والمماطلة في تلبية حقوق الشعب الفلسطيني والانسحاب من الأراضي العربيَّة المحتلة ستحقق المكاسب التي تحميها، وأنها تسلك طريقًا من طرق التصالح مع الحكومات التي تبادلت مع بعضها التمثيل الدبلوماسي.
وستبقى إسرائيل رهين القلق والخشية والتوجس، وسيذيق أهلها مرارة الحياة ما دامت الالة الإسرائيلية تعتقد واهمة بأنها الأقوى والأقدر على أحكام سيطرتها على الأرض الفلسطينيَّة أو على المناطق المحتلة، ما لم تعالج بعقل وبحكمة من يريد الحياة الآمنة والمستقبل أن يجنح إلى تلبية الحقوق، بما يكفل للفلسطيني حقه الكامل في تشكيل دولته المستقلة، ويمكن أن تكون عمليات (طوفان الأقصى) حلقة ضمن سلسلة طويلة ستكلف إسرائيل ثمنا باهظا يوما بعد يوم، ما دامت تغيب العقلانية والحكمة واللجوء إلى المنطق عن قياداتها، وما دامت لا تحسب حسابا للشعب العربي وعدم قناعته بقضية التطبيع مهما طال
الزمن.