الأمم المتحدة تحذّر من تكرار نكبة 1948 في غزة

قضايا عربية ودولية 2023/10/16
...

 القدس المحتلة: وكالات

بينما تستمر حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية أن الاجتياح البري الذي تلوّح به الدولة العبرية للقطاع سيتأخر بضعة أيام، في وقت أكدت فيه منظمة العفو الدولية استخدام قوات الاحتلال للفوسفور الأبيض «المحرم دولياً» في قصف المناطق الآهلة بالسكان في غزة.
وحذّرت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، من “تعرض الفلسطينيين لخطر جسيم للتطهير العرقي الجماعي».
وقالت ألبانيز - في بيان صحفي - إن القوات الإسرائيلية أصدرت أمراً الخميس الماضي إلى 1.1 مليون فلسطيني في شمال غزة بالانتقال جنوبا خلال 24 ساعة في ظل استمرار القصف الجوي، وإن هذه القوات بدأت في اليوم التالي دخول غزة من أجل “تطهير” المنطقة.
وذكرت ألبانيز أن الفلسطينيين “لا يوجد لهم مكان آمن في أي منطقة في غزة، في حين تفرض إسرائيل حصاراً كاملاً على القطاع الصغير مع قطع إمدادات الماء والغذاء والوقود والكهرباء بشكل غير قانوني».
وأضافت أن “إسرائيل قامت بالفعل بالتطهير العرقي الجماعي للفلسطينيين تحت ضباب الحرب. ومرة أخرى باسم الدفاع عن النفس، تسعى لتبرير ما قد يصل إلى التطهير العرقي».
وقالت المقررة الأممية: إن “هناك خطراً جسيماً بأن ما نشهده قد يكون تكراراً للنكبة عام 1948، والنكسة عام 1967، ولكن على نطاق أوسع. لذلك يتعين على المجتمع الدولي فعل كل شيء لمنع حدوث ذلك مرة أخرى».

الاجتياح البري
إلى ذلك، قال الصحفي الأميركي المرموق سيمور هيرش، إن إسرائيل تخطط لمهاجمة غزة خلال الساعات المقبلة (اليوم الاثنين)، مستخدمة قنابل جوية ذكية من طراز JDAM.
وكتب هيرش على منصة “سابستاك” مستنداً إلى “مصدر”: أن “الهجوم بقنابل  JDAM، إذا تمت الموافقة عليه، سيحدث في وقت مبكر من اليوم الاثنين. يليه مباشرة غزو بري”، ووفقاً للصحفي، فإن هذا الهجوم في حال حدوثه سيؤدي إلى تدمير غزة بالكامل.
بدورها، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، أنه تم تأجيل العملية البرية “لبضعة أيام” بسبب سوء الطقس الذي قد يعيق قدرة الطيارين ومشغلي الطائرات المسيرة على دعم القوات.
وشارك الجيش الإسرائيلي مع الصحيفة تفاصيل غير سرية عن خطة العملية البرية في قطاع غزة، التي أظهرت أن العملية ستبدأ في الأيام المقبلة، كما تخطط إسرائيل لإرسال عشرات الآلاف من الجنود للاستيلاء على مدينة غزة والإطاحة بالسلطات الحالية في القطاع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن هدفه النهائي هو القضاء على التسلسل الهرمي السياسي والعسكري الأعلى لحركة “حماس” التي تسيطر على غزة وقادت “الهجمات التي وقعت الأسبوع الماضي في إسرائيل والتي أسفرت عن مقتل 1300 شخص”، على حد تعبير مصادر الاحتلال.
ووفقاً لثلاثة ضباط إسرائيليين كبار، من المتوقع أن يكون الهجوم أكبر عملية برية لإسرائيل منذ غزوها لبنان في عام 2006، وسيكون أيضاً الأول الذي تحاول فيه إسرائيل الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها لفترة وجيزة في الأقل منذ غزوها للقطاع في عام 2008.
وتشير “نيويورك تايمز” إلى أن العملية البرية في قطاع غزة، “تخاطر بإدخال إسرائيل في أشهر من القتال الدامي في المناطق الحضرية، سواء فوق الأرض أو في منطقة من الأنفاق، وهو هجوم محفوف بالمخاطر تجنبته إسرائيل منذ فترة طويلة لأنه ينطوي على قتال في قطعة ضيقة ومكتظة يسكنها أكثر من مليوني شخص».
وأشار المقال، إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعلن رسمياً حتى الآن نيته اجتياح قطاع غزة، على الرغم من أنه أكد أن فرق الاستطلاع دخلت القطاع لفترة وجيزة يوم الجمعة الماضي وأن القوات الإسرائيلية تزيد من “استعدادها” لحرب برية.
ويتوقع القادة العسكريون الإسرائيليون أن تحاول “حماس” عرقلة تقدمهم من خلال تفجير بعض الأنفاق مع تقدم الإسرائيليين فوقها، ومن خلال تفجير القنابل المزروعة على جوانب الطرق وتفخيخ المباني.
وأضاف القادة أن “حماس تخطط أيضا لنصب كمين للقوات الإسرائيلية من الخلف من خلال الخروج فجأة من فتحات الأنفاق المخفية المنتشرة في شمال غزة».
ويواجه قطاع غزة ظروفا إنسانية صعبة، وتواصل دولة الاحتلال عدوانها على قطاع غزة لليوم التاسع على التوالي (أمس الأحد)، ملقية بآلاف الأطنان من القنابل على منازل المدنيين في جميع أنحاء القطاع، مخلفة عشرات القتلى والجرحى.

حشود الاحتلال
في سياق ذي صلة، قالت صحيفة “لوتان” السويسرية إن عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين المحتشدين على مشارف غزة، يبدون مستعدين لشن هجوم بري على القطاع بعد أن أمرت إسرائيل السكان بإخلاء شماله، في ما يعيد إلى الأذهان إحياء صدمة النكبة عام 1948، وذلك برغم ما يحيط بهذا الهجوم من أخطار تتعلق بعدد النازحين ومصير “الرهائن” والدعم الدولي، على حد قولها.
وتساءلت “لوتان” عن احتمال دخول الجيش الإسرائيلي غزة، ورأت أن شن حرب من شارع إلى شارع ومن منزل إلى منزل يبدو أمراً معقداً، لأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بلا شك أعدت له، إلا أن حكومة الحرب التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحتاج إلى “نصر سريع”، لأن هذا هو الهدف الوحيد الذي يجمع القوى السياسية المتباينة في دولة منقسمة سياسياً أكثر من أي وقت مضى.
وأشارت الصحيفة إلى أن أي توغل في غزة يهدف - أولاً وقبل كل شيء - لاسترضاء الرأي العام الإسرائيلي، وخمّنت أن يتم التوغل المذكور عبر إرسال وحدات النخبة لقتل قادة “حماس” أو تحرير أكثر من 100 من الأسرى الموجودين حالياً في قبضتها، بحسب الصحيفة السويسرية.
ورأت أن ذلك ربما يكون خيار الجيش الإسرائيلي المفضل في وقت يبدو فيه كما لو أن “حماس” تسعى لاستدراج الإسرائيليين إلى فخ نصبته لهم بلا شك، وتضيف الصحيفة أن هذا النوع من العمليات يعتمد إلى حد كبير على المعلومات التي قد تكون لدى الإسرائيليين على الأرض، أي على المخبرين الفلسطينيين، بحسب تعبير المقال.

مجلس حرب الكيان
في غضون ذلك، ترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، جلسة مجلس الحرب الإسرائيلي بشأن الوضع في قطاع غزة بقاعدة “كيريا” في تل أبيب.
وجرت الجلسة بحضور وزير الدفاع غالانت، ووزير الشؤون الستراتيجية رون ديرمر، والوزير بيني غانتس، والوزير غادي آيزنكوت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، ومدير الشاباك رونين بار، ومدير الموساد دادي برنياع، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي وغيرهم من كبار المسؤولين الإسرائيليين.
وجاءت جلسة مجلس الحرب الإسرائيلي في أعقاب ما أعلنه الناطق باسم جيش الاحتلال بشأن الاستعداد لتوسيع نطاق الهجوم وتنفيذ مجموعة واسعة من الخطط العملياتية الهجومية، التي تشمل هجوماً مشتركاً ومنسقاً من الجو والبحر والبر.

شهداء وجرحى
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس الأحد، ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 2329 شهيداً وأكثر من 9042 جريحاً في غزة، و55 شهيداً و1200 جريح في الضفة.
وكثفت القوات الإسرائيلية غاراتها على قطاع غزة، مستهدفة منازل المدنيين في مناطق متفرقة في القطاع، ما خلف مئات الشهداء والجرحى والعدد في ازدياد مستمر، في أكبر مجزرة إسرائيلية بحق سكان القطاع المحاصر منذ العام 2014.
وأفاد تقرير خبري، باستهداف الطيران الإسرائيلي أمس الأحد منزل مراسل قناة “الحياة الجديدة” في غزة، مؤمن الطلاع، ما أسفر عن مقتل جميع أبنائه وأعمامه وأخواته، وإصابته هو وزوجته ووالدته بجروح وكسور متفاوتة.

فوسفور أبيض
من جانبها، أكدت منظمة العفو الدولية، استخدام إسرائيل قنابل الفوسفور الأبيض في قصفها قطاع غزة المكتظ بالمدنيين.
وقالت المنظمة في بيان أمس الأحد، إن مختبر أدلة الأزمات لدينا جمع أدلة توثق استخدام الوحدات العسكرية الإسرائيلية لقذائف الفوسفور الأبيض في قصفها لقطاع غزة.
وأضافت أن مقاطع الفيديو والصور التي تم التحقق منها تُظهر قذائف مدفعية M825 وM825A1، التي تحمل اسم D528، وهو رمز تعريف وزارة الدفاع الأميركية (DODIC)  للقذائف المستندة إلى الفوسفور الأبيض.

تحذير إيراني
من جانب آخر، حذّرت إيران من “عواقب بعيدة المدى” إذا لم توقف إسرائيل حربها على غزة، كما نقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مصادر مطلعة، أن إيران قد تتدخل إذا استمرت الحرب.
وقد حذرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، أنه إذا لم يتم إيقاف جرائم الحرب، والإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، فقد يخرج الوضع عن نطاق السيطرة، ويرتد إلى عواقب بعيدة المدى.
وأضافت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، أن المسؤولية تقع على عاتق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والدول التي تقود المجلس نحو طريق مسدود، بحسب تعبيرها.
وفي الإطار ذاته نقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مصادر مطلعة قولها، إن إيران أوضحت لإسرائيل عبر الأمم المتحدة، أنه سيتعين عليها التدخل إذا استمرت الحرب على غزة.
في الأثناء، التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في العاصمة القطرية الدوحة، وبحث معه آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية.
وأظهر مقطع بثته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيرنا” لقاء هنية مع عبد اللهيان في وقت متأخر من ليل السبت، ووصل عبد اللهيان إلى الدوحة بعد أن التقى المسؤولين أثناء جولة إلى العراق وسوريا ولبنان، بما في ذلك زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله.
من جهتها قالت “حماس” في بيان، إن إسماعيل هنية استعرض مع عبد اللهيان الدوافع التي أدت إلى عملية “طوفان الأقصى”، كما استعرض وزير الخارجية الإيراني نتائج جولته في المنطقة، واتصالاته الإقليمية والدولية، وأضاف البيان أن الطرفين “أكدا التعاون المستمر لإنجاز أهداف المقاومة والشعب الفلسطيني».
ووفقا للبيان، فقد أشاد وزير خارجية إيران بالهجوم ووصفه بأنه “انتصار تاريخي”، مشيراً إلى أنه “يسجل انتكاسة جدية للاحتلال ومشروعه في فلسطين والمنطقة».

حاملات طائرات أميركية
في المقابل، أفاد بيان لوزارة الدفاع الأميركية “بنتاغون” بأن وزير الدفاع لويد أوستن، أمر بإرسال حاملة طائرات ثانية إلى شرق المتوسط لردع ما أسماها البيان بـ”الأعمال العدائية ضد إسرائيل».
وقال أوستن في بيان وزارة الدفاع: “لقد وجهت المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات (يو إس إس دوايت دي أيزنهاور) بالبدء في التحرك إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، كجزء من جهودنا لردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهود تهدف إلى توسيع نطاق هذه الحرب في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل».
وتضم المجموعة الهجومية أيضا طراد صواريخ موجهة ومدمرات، وتسعة أسراب من الطائرات، وطاقما من هيئة الأركان.
وستنضم حاملة الطائرات “يو إس اس إيزنهاور” ومجموعة السفن الحربية التابعة لها إلى الحاملة “جيرالد فورد” التي سبق أن تم نشرها في المنطقة في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” قبل أسبوع.
وقال أوستن في البيان، إن نشر السفن الحربية يشير إلى “التزام واشنطن الحازم بأمن إسرائيل وتصميمنا على ردع أي دولة أو جهة غير حكومية تسعى إلى تصعيد هذه الحرب”، بحسب زعم الوزير الأميركي.
كما أعلنت القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”، وصول سرب من المقاتلات إلى منطقة القيادة بهدف “تعزيز العمليات” في الشرق الأوسط، تزامناً مع التصعيد الإسرائيلي الكبير في غزة.
وجاء في بيان “سنتكوم” على منصة “إكس”، أن “طائرات السرب المقاتلة الاستكشافية طراز F-15E Strike Eagle  وصلت إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية لتعزيز التمركز وتعزيز العمليات الجوية في جميع أنحاء الشرق الأوسط».
ويأتي وصول هذه المقاتلات تزامنا مع تأكيد وسائل إعلام أميركية أن الولايات المتحدة تقوم بإعداد قوة المشاة البحرية رقم 26 للانتشار المحتمل بالقرب من إسرائيل.

مشروع روسي
وفي مقابل التحشيد العسكري الأميركي، طلبت روسيا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التصويت (مساء اليوم الاثنين)، على مشروع قرار يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ويدعو إلى هدنة إنسانية فورية، والتنديد بالعنف ضد المدنيين و”جميع أعمال الإرهاب”، بحسب وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية. وقال دميتري بوليانسكي، نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، إنه لم يتم إجراء أي تعديلات على النص منذ تقديمه إلى أعضاء المجلس، البالغ عددهم 15 يوم الجمعة الماضي، مضيفاً أن من المتوقع أن يُصوّت عليه في الثالثة مساء بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة من يوم الاثنين. وكانت روسيا قد أعدت في وقت سابق مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي، يدعو إلى وقف إنساني وفوري لإطلاق النار.
وبُعيد توزيع مشروع القرار الذي قدمته بلاده، قال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن القصف العشوائي للمناطق السكنية في غزة أمر غير مقبول، وأضاف أن قطع المياه والكهرباء عن غزة يعيد إلى الأذهان ذكرى حصار مدينة لينينغراد الروسية من القوات النازية، خلال الحرب العالمية الثانية.