سعد العبيدي
نسيَّ العالم الغربي، الذي أنتج نظريات التعلم الحديثة، وأغرم بتفسير السلوك على أساس المثير والاستجابة، أو تناساها، وما بناه على أعتابها في قضايا التعلم، وتعديل السلوك، مسحها من ذاكرته، لمجرد مشاهدته لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام
هجوما قامت به كتائب القسام فاجأت الإسرائيليون، وأرعبت الدولة التي تعتقد أنها لا تقهر، وفي خضم هذا النسيان الانفعالي انحاز الغالب من حكام الغرب والأمريكان بالضد من الفلسطينيين وقضيتهم، بطريقة أعطت الضوء الأخضر، لإسرائيل الايغال بفعل التدمير المنظم لقطاع غزة، وإعادة تكرار مسلسل الظلم التي تريده مستمراً إلى الأبد.
لكن النسيان الانفعالي وإن ينفع في تبرير السلوك الظالم وزيادة شدة التدمير المنظم لغزة، إلا أن نفعه وعلى وفق تلك النظريات سيكون مؤقتاً، وسينتج سلوكاً لدى قسم من الفلسطينيين أبعد من ذاك، الذي حصل يوم السبت باجتياز الحدود ومهاجمة المستوطنات، وسيعيد إلى الأذهان حقائق مهمة منها، أن الظلم والقسوة الإسرائيليَّة مثيرات ستنتج استجابات تماثلها في النوع، وتزيد عليها في الشدة.
وأن اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يحكم إسرائيل في الوقت الراهن وتصرفاته العدوانية في عموم الأراضي الفلسطينيَّة أعطى الفرصة لكتائب القسام كنوع من الاستجابة في أن يتصرف بعض أعضائها بطريقة قاسية أثناء تنفيذهم الهجوم. ومنها أيضاً أن أسر المدنيين والتمثيل بجثث العسكريين وإن كانوا أعداءً يفقد الفلسطينيين أصحاب الحق حقهم في النضال، من أجل قضيتهم ويحشّد الرأي العام العالمي بالضد منهم ويؤخر حل قضيتهم عقود أخرى، ومنها كذلك أن التطور في وسائل التواصل والاتصال وسهولة الاطلاع والحصول على التكنولوجيا، لن يسمح لإسرائيل الاحتفاظ بتفوقها التقني الرادع على الفلسطينيين، وان أسلوب الإبادة الجماعية، التي تنتهجه إسرائيل لن ينفع في تصفية القضية الفلسطينيَّة، لان إماتة فلسطيني مدني كان أو مقاتلا حافزا لإنجاب عشرة يحلّون محله في ساحة يتفوق فيها الفلسطينيون على الإسرائيليين في الانجاب، ومنها أخيراً أن النجاة السليمة للإسرائيليين قبل الفلسطينيين، هو في منح الفلسطينيين حق إقامة دولة يعيشون داخل حدودها بأمان.