علي حسن الفواز
تعمد الصهيونية إلى سياسة تغويل صورة العنف والكراهية، بوصفها جزءا من خطابها الأيديولوجي، مثلما تعمل على تسويق هذه الصورة كنوعٍ من الخداع البصري الذي يهدف إلى تضليل الرأي العام العالمي، وحتى الإقليمي والمحلي، كممارسة دوغمائية لـ»صناعة العدو»، والذي تواشج مع سياسات الإعلام الغربي في تغطية يوميات الحرب على غزة، بما جعل من «حرب الصورة» وكأنها جزء من الرهانات التسقيطية التي تقوم بها المؤسسة الإسرائيلية بالتنسيق مع «وكالات غربية» تدّعي المهنية والوثوقية، لكنها تعمل عبر احتكار المعلومة والخبر، على الترويج للمخادعة، ولفرض سايكولوجيا الكراهية في الحرب المتوحشة ضد الفلسطينيين، فما فعلته «وكالة عريقة مثل cnnيكشف عن اللاموضوعية التي تتعاطى بها في تغطية أحداث حرب التوحش ضد المدنيين في غزة، عبر بثها أخبارا وصورا جعلت الرئيس الأميركي جو بايدن يوظفها في خطابه، من خلال الزعم بأنه “رأى صورا لأطفال إسرائيليين يقوم مقاتلو المقاومة بقطع رقابهم».
هذا التضليل وغيره صارا جزءا من “الحرب الفاضحة” وجزءا من سياسات إعلامية تعكس مدى الزيف والخداع والكذب، في نقل “يوميات الحرب” وفي توظيف الصورة الصحفية لصالح إيجاد صورة ذهنية ضد الشعب الفلسطيني.
نفي وتكذيب الناطق باسم البيت الأبيض هذه “الفبركة الإعلامية” أثار جدلا واسعا في الأوساط الأميركية، لاسيما في الإشارة إلى عجالة ما زعمه الرئيس الأميركي عن هذه الكذبة التي تبيّن أن “ المؤسسة الإسرائيلية” تقف وراءها.
كما أن صحفا أميركية أخرى نشرت معلومات وأخبارا تفتقر إلى الدقة والمهنية، لاسيما ما يتعلّق بخبر “اغتصاب نساء قام به الفلسطينيون” الذي نشرته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” واسعة الانتشار والتي تراجعت عنه لاحقا، أو ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” نقلا عن تصريح “مسؤول إسرائيلي” لإحدى القنوات الفضائية “أنهم عثروا على جثث لأربعين رضيعا برؤوس
مقطوعة في مستوطنة كفار عزا.” فضلا عن اختيار صحيفة “التايمز” اللندنية عنوانا رئيسيا مُلفّقا، لكنه لافت في إثارته “حماس تذبح حناجر الرضع”، كنوع من الإثارة الصفراء، برغم نفي وكالات أجنبية أخرى مثل هذا الخبر وغيره من الأخبار والمعلومات التي تتضمن تشويه سمعة الثوار الفلسطينيين
في انتفاضة “طوفان الأقصى”.
صناعة الصور، وفبركة الأخبار من قبل هذه المؤسسات الإعلامية ذات “التاريخ الكولنيالي” تفضح علاقتها المشبوهة بمصادر التمويل المخابراتية، وبالأهداف السياسية التي تقف خلف وضع الخبر في خدمة الحرب العنصرية وضد الشعوب التي تدافع عن حقوقها.