سياج منع الانتحار

آراء 2019/05/10
...

حسين علي الحمداني
هناك نكتة تقول(إن أحد القضاة حكم على شخص حاول الانتحار بالإعدام فقال له المتهم إذن لماذا لم تتركني انتحر طالما إنك ستعدمني؟فقال له القاضي حتى لا يفكر غيرك بالانتحار))نكتة تذكرتها وأنا أطالع خبر السياج الأمني على الجسور الممتدة على ضفتي دجلة هل من شأنها أن يوقف حالات الانتحار التي تزداد؟
وهل الانتحار غرقا هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام من يريد أن يقدم على هذا العمل؟هذه الأسئلة نطرحها في ظل وجود مؤشرات تؤكد زيادة حالات الانتحار وسط الشباب في العراق حيث أكدت الإحصاءات الرسمية إن هناك 135 حالة انتحار في الأشهر الثلاث الأولى من عام  2019،وفي العام الماضي كانت هنالك 460 حالة  وفي عام 2017  سجلت 480 حالة انتحار،وهذا ما يجعلنا نقول إن هنالك ظاهرة خطيرة تسود المجتمع العراقي تحتاج لحلول اجتماعية واقتصادية في إطار الدولة والمجتمع معا.
 لعل هذا بحد ذاته يدفعنا لأن نقف كثيرا أمام هذه الظاهرة التي تعكس بالتأكيد حالات الإحباط التي يعيشها الشباب في العراق وهذا بالتأكيد له أسبابه الكثيرة في مقدمتها البطالة التي يعاني منها من لديه شهادات عليا وأيضا من لم يتحصل على شهادة دراسية،كلاهما يعاني من البطالة.فالدولة عاجزة عن استيعاب كل الخريجين،وسوق العمل في العراق لا تستوعب الأيدي العاملة بسبب غياب القطاع الخاص بدرجة كبيرة جدا.
وهنالك كما أشرنا عوامل أخرى منها ما يتعلق بالأسرة ة ودورها في حماية أبنائها من الأفكار السوداء التي تقود للانتحار أو حتى مجرد التفكير به.ونجد أحيانا كثيرا الكثير من الشباب يعانون من ضغوطات العائلة التي تطالبهم دائما بمعدلات نجاح عالية في الدراسة الإعدادية دون أن تراعي قدرتهم على تحقيق ذلك،والكثير من هؤلاء الشباب تجدهم يفكرون بالانتحار لفشلهم في تحقيق ذلك وهنالك حوادث كثيرة حصلت فور إعلان نتائج الامتحانات.أي إن هنالك ضغط اقتصادي واجتماعي مع توفر بيئة تتسم بالعنف  بسبب الظروف التي مرت على البلد في السنوات الأخيرة.ويمكننا أن نضيف عاملاً آخر يتمثل بظاهرة تفشي المخدرات التي يعاني منها المجتمع خاصة وسط الشباب مما يؤدي في نهاية المطاف أن يتصرف الفرد تصرفات لا إرادية في حياته.
لهذا نجد ان هنالك أسباب تتطلب دراسة معمقة من قبل مختصين من أجل إيجاد الحلول للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة،أول هذه الحلول توسيع دائرة الرعاية الاجتماعية لتشمل خريجي الكليات والمعاهد وشمولهم بها على ألأقل يكون لديهم مورد شهري ثابت مهما كان المبلغ متواضعا على أن يحجب عنهم عند تعينهم،ثانيا حملة توعية في وسائل الإعلام وخطب الجمعة عن مخاطر الانتحار وما يترتب عليه كونه جريمة بحق النفس البشرية.وإجراءات أخرى كثيرة هي بالتأكيد حاضرة لدى المختصين بمجملها تشكل أسجية حقيقية لمنع الانتحار الذي يسعى إليه البعض من الشباب من أجل الهروب من هذه الحياة.