هل ستجبر باكستان اللاجئين الأفغان على المغادرة؟

بانوراما 2023/10/18
...

  منير أحمد
  ترجمة: بهاء سلمان

أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية مؤخرا أن باكستان ستنفذ خططها التي أعلنتها قبل عدة أسابيع لترحيل جميع المهاجرين الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني، بما في ذلك مليون و700 ألف أفغاني، «بطريقة تدريجية ومنظمة».
ومن المرجح أن يهدف هذا البيان إلى تهدئة المخاوف الدولية وتهدئة مشاعر القلق بين اللاجئين الأفغان في باكستان، بعد أن قالت إسلام آباد بشكل غير متوقع قبل عدة أيام إن جميع المهاجرين، ومن ضمنهم الأفغان، الذين ليس لديهم وثائق صالحة سيتعين عليهم العودة إلى بلدانهم طوعا قبل 31 تشرين الأول لتجنب الاعتقالات الجماعية والترحيل القسري.
وأدى ذلك إلى موجة من الذعر بين المقيمين في هذا البلد بلا أوراق، وأثار إدانة المنظمات الحقوقية. ويقول الناشطون إن أي ترحيل قسري للأفغان سيعرّضهم لخطر جسيم. وقالت «ممتاز زهرة بلوش»، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، إن السياسة الجديدة لا تستهدف الأفغان فقط؛ وأضافت: «لقد استضفنا اللاجئين الأفغان بسخاء على مدى العقود الأربعة الماضية بعد فرار الملايين منهم من بلادهم خلال الغزو السوفييتي طيلة عقد من الزمن، من سنة 1979 ولغاية 1989.»
وأشارت ممتاز إلى أنَّ «الأفغان البالغ نحو مليون ونصف المسجلين كلاجئين لدى باكستان لا داعي لأن يشعروا بالقلق، وأن الأمر يتعلق فقط بالموجودين بشكل غير قانوني، بغض النظر عن جنسياتهم، ولسبب ما بدأ الناس يربطون ذلك بالأفغان دون غيرهم، فالقوانين في باكستان تشمل الجميع».
وطلبت منظمة العفو الدولية من باكستان السماح للأفغان بمواصلة العيش في البلاد، وأعرب «ستيفان دوجاريك» المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مخاوفه بشأن السياسة الجديدة. مضيفا: «من المهم عدم إعادة أي لاجئين دون أن تكون عودة طوعية وكريمة.»
وفي كابول، انتقد كبير المتحدثين باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، إعلان باكستان، قائلا انه «غير مقبول» وإن على إسلام آباد أن تعيد النظر في القرار. ورغم قيام الشرطة الباكستانية بشكل روتيني بترحيل الأفغان المتسللين إلى البلاد بلا وثائق إقامة نافذة في السنوات الأخيرة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن خطط لمثل هذه الحملة الكبرى.

أوضاع متأزمة
وتأتي هذه التطوّرات وسط تصاعد الهجمات التي تشنها حركة طالبان الباكستانية، التي لديها مخابئ وقواعد في أفغانستان ولكنها تعبر بانتظام إلى باكستان لشن هجمات على القوات الباكستانية. وكثيرا ما تتبنى حركة طالبان الباكستانية المحظورة، والمعروفة باسم «تحريك طالبان باكستان»، مسؤوليتها عن شن هجمات على قوات الأمن الباكستانية، لكنها نفت علاقتها بالتفجيرين الانتحاريين اللذين وقعا أواخر شهر أيلول الماضي، وأديا إلى مقتل 59 شخصا في المناطق الجنوبية الغربية والشمالية الغربية المتاخمة لأفغانستان. ولم يعلن أحد مسؤوليته عن تلك الهجمات.
وقالت ممتاز بأنّ بعض المهاجرين الذين ليس لديهم أوراق، بما في ذلك الأفغان، بدأوا بالفعل في العودة إلى بلدانهم، وأكّدت بالقول: «نحن منحنا فترة سماح حتى نهاية الشهر.» وتطالب باكستان منذ فترة طويلة السلطات الأفغانية بوقف دعمها لحركة طالبان الباكستانية.
وحركة طالبان الباكستانية جماعة انفصالية، ولكنها متحالفة مع حركة طالبان الأفغانية، التي وصلت إلى الحكم في أفغانستان منتصف آب 2021 مع انسحاب القوات الأميركية من البلاد، بعد عشرين عاما من احتلال البلاد. وقد شجع الوضع الجديد في أفغانستان حركة طالبان الباكستانية. وأشارت ممتاز أيضا إلى أنّ وزير الخارجية الباكستاني «جليل عباس جيلاني» كان قد أجرى محادثات في الصين، حينما زارها مؤخرا، مع وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي.
وقالت المتحدثة من دون الخوض في تفاصيل: «كان الاجتماع مثمرا للغاية»، فيما حثّت الحكومة الأفغانية على نزع سلاح حركة طالبان الباكستانية حتى لا تصبح الأراضي الأفغانية نقطة انطلاق لهجمات على باكستان. لكنها أكدّت على أنّ خطط معالجة وضع المهاجرين في باكستان لا تهدف إلى المساومة مع السلطات الأفغانية. وأضافت قائلة: «بالتأكيد ليس هذا هو الحال على الإطلاق.. نريد فقط عودة جميع المهاجرين غير الشرعيين.»

صحيفة لوس انجليس تايمز الاميركية