أحمد عبد الحسين
وفد كرديّ في بغداد قريباً لوضع الملفات العالقة كلّها على الطاولة.
التباحث في قضايا العراق الداخلية والعمل على الوصول إلى حلول دائمة لها، أمر يستحقّ أن يُقدّم على بحث علاقاتنا الخارجية مع الجيران. برغم كثرة ووعورة المشكلات التي تعتري علاقات العراق مع إقليمه. لأن تحصين البيت وتمتينه ركن أساس في تقديم العراق نفسه للعالم. ولأنّ أغلب المطبّات الأمنية والسياسية وحتى الاقتصادية التي جعلت البلد يراوح في محلّه كانت ذات منشأ داخليّ.
غياب الحوار بين المركز والإقليم من شأنه تعميق الهوّة بين ثُقلَيْ الشعب العراقي الكبيرين: العرب والكرد، وهو ما يفتح ثغرة كبيرة تطلّ منها صنوف التدخلات الخارجية والداخلية التي تسمِّم العلاقة بينهما.
يبدو الوضع مهيأً تماماً للشروع بحوار صريح وجادّ من دون استقواء وفرض قناعات وليّ أذرع، والاستقرار السياسيّ والأمنيّ فرصة لنشدان استقرار اقتصاديّ ومجتمعيّ نحن الآن أحوج ما نكون إليه.
المنطقة التي يقع العراق في قلبها منذورة للعواصف السياسية دائماً لكنها هذه الأيام بالذات تتوجّس من إعصار كبير بانتْ ملامحه في الهيجان الإسرائيليّ الأميركيّ وتجييش الجيوش والحديث عن تهجيرٍ مليونيّ وتغيير خرائط، وهو حديث سيجرّ أحداثاً جساماً وربما تكون الحرب من حولنا بانتظارنا في المنعطف القادم.
ذلك كلّه يقتضي تسييج البيت والفصل في الأمور الخلافية التي مرّ عليها زمن طويل من دون أن نتلمّس لها حلاً. وإذا كانتْ هناك قوى لم تجد لها في ما مضى شرعية سوى شرعية الأزمة وكانت تعتاش على إدامة الخلافات وتعميقها، فإنّ الظرف الإقليميّ اليوم وتسارع الأحداث بشكل جنونيّ كفيل بأن يقنعنا بأنّ الرهان على استثمار الأزمات ستكون له عواقب وخيمة على الجميع، لأن الأوطان الهشَّة المنقسمة على نفسها ستكون قريباً لوحدها في مهبّ العاصفة.
الحوار مكسب على أية حال. وما تخسره في المداولات الصريحة لن تربحه في الخصومة ولو طالتْ إلى الأبد.