العراق يتشح بالحزن والغضب للمجزرة الصهيونية في غزة

العراق 2023/10/19
...

 بغداد: محمد الأنصاري 

خيّمت على أرجاء البلاد أمس الأربعاء، حالة من الحزن والألم الممتلئ بالغضب العارم جراء المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الكيان الصهيوني بقصف مستشفى المعمداني في قطاع غزة، التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى من النساء والأطفال، وبينما عطلت الحوزة العلمية في النجف الأشرف دروسها وأعلنت الحداد لهذه الجريمة المروعة، نظمت عشرات الوقفات التضامنية مع فلسطين في مدن ومحافظات البلاد وفي الدوائر الرسمية، بينما دعت هيئة النزاهة الاتحادية، المحكمة الجنائيَّة الـدوليَّة لمحاسبة مرتكبي مجزرة المستشفى في غزة.

المحطة الأولى من النجف الأشرف، حيث أعلنت الحوزة العلمية الحداد العام وتعطيل دروسها أمس الأربعاء استنكاراً للمجزرة الفظيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مستشفى المعمداني في غزّة الجريحة في حلقة جديدة من سلسلة جرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

وذكرت الحوزة في بيان، أن "استمرار الاحتلال الصهيوني مدعوماً من عدد من الدول الكبرى في اقتراف الجرائم ضد الإنسانية هذه، له عواقب خطيرة جداً على المستويين الإقليمي والعالمي"، ودعت "أصحاب القرار إلى الانتباه إلى ذلك، وليسع الجميع إلى الوقف الفوري لآلة البطش الصهيونية عن مواصلة الفتك بالشعب الفلسطيني".


موقف المرجعية الدينية

إلى ذلك، كشف النائب الأسبق عبد الهادي الحكيم، عن لقائه أمس الأربعاء، المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني في مكتبه بالنجف الأشرف.

وقال الحكيم في منشور على صفحته في "فيسبوك": "تشرفت بزيارة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني"، وأضاف: "قد كان لفاجعة استشهاد المئات وإصابة أمثالهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى نتيجة قصف العدو الصهيوني المجرم لمستشفى المعمداني في غزة، أثرها الواضح الجلي على المرجعية وفي أجواء مكتبها ورواده من العلماء والمواطنين، حيث خيم الألم والحزن والتفجع والغضب الفاعل عليه، وعلى الحوزة العلمية التي عطلت دروسها حداداً واستنكاراً وإدانة لهذا الهجوم الوحشي المروع، معلنة تضامنها مع الثوار والوطنيين في تحرير الأرض والعرض والمقدسات من دنس الاحتلال الصهيوني الغاصب وداعميه".

وأدان رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، قصف مستشفى المعمداني في غزة، وقال في تدوينة له على منصة "إكس": "ندين بشدة قصف مستشفى المعمداني في غزة واستمرار استهداف المدنيين، كما ندعو المجتمع الدولي للتدخل بشكل عاجل لإيقاف العدوان على المدنيين في غزة الذي يشكل خرقا واضحا للقوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان".


حديث السوداني

واستقبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأربعاء، رؤساء البرلمانات والوفود العربية المشاركة في أعمال المؤتمر الخامس والثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي، الذي عُقد في العاصمة بغداد لمناقشة تطورات الأوضاع في مدينة غزّة والعدوان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

وجدد السوداني، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي، التأكيد على الموقف المبدئي للعراق تجاه القضية الفلسطينية، وأهمية التحرك العاجل لنُصرة الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لعدوانٍ سافر وجريمة حرب مكتملة الأبعاد، ومحاولة للإبادة الجماعية، بعد أن تمادت سلطات الاحتلال الصهيوني وأوغلت في استهداف المدنيين الآمنين.

وأشار رئيس الوزراء إلى القصف الوحشي الذي طال مساء الثلاثاء، مستشفى المعمداني في غزّة، وتسبب باستشهاد وجرح المئات من الأطفال والنساء، في جريمة نكراء تجاوزت كل المواثيق والقانون الدولي الإنساني، داعياً المجتمع الدولي والمؤسسات والهيئات البرلمانية والسياسية إلى نجدة الشعب الفلسطيني المظلوم، وتمكينه وضمان كامل حقوقه المشروعة في إقامة دولته على ترابه الوطني.


حداد عام

أما المتحدث الرسمي باسم الحكومة، باسم العوادي، فقال في بيان: "بينما تعمل الجهود الطيبة من أنحاء العالم كافة، على وقف إطلاق النار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإغاثة المنكوبين من أبناء شعبنا الفلسطيني وتخفيف وطأة الهجمة البشعة التي تمارسها قوات الاحتلال الصهيوني، تأتي الأنباء لتحمل معالم جريمة حرب كاملة، ولترتكب هذه القوّات مجزرة في غاية التحلل من كل الالتزامات الأخلاقية والإنسانية، عبر قصف المستشفى المعمداني وسط قطاع غزة المحتل، بما تسبب في استشهاد المئات من الأطفال والنساء والمصابين والجرحى".

وأضاف، "يكون الصهاينة بذلك قد مضوا بعيداً في تجاوز كل الحدود والخطوط الحمراء، في عدوان يمتد إلى ماضيهم المخزي في ارتكاب المجازر من قانا وصبرا وشاتيلا، وصولًا إلى جريمتهم النكراء الحاضرة"، وتابع "لقد ارتفعت وطأة حمل المسؤولية على المجتمع الدولي وعلى كل مراقب يرى هذه التجاوزات من جانب الصهاينة، وصار العالم بأسره مدعوًّا إلى اتخاذ ما هو أكثر من الاستنكار والشجب، من أجل وقف آلة الموت الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين، وهي واهمة أنها بذلك ستصفّي القضية الفلسطينية".

وختم بالقول، "مثلما ندعو أشقاءنا العرب والدول الصديقة والعالم الحر، إلى تبنّي موقف موحد عبر إصدار قرار عاجل وفوري من مجلس الأمن الدولي لوقف هذا العدوان القبيح السافر".

وأعلن المتحدث باسم الحكومة، "الحداد العام في جميع أنحاء جمهورية العراق لمدة ثلاثة أيام، ولاءً وإكرامًا للأرواح البريئة التي سقطت ضحية الصمت الدولي قبل أن تسقط ضحية لنار العدوان الهمجية".

كما وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الموظفين والطلاب في عموم العراق بوقفة تضامنية مع ضحايا مستشفى "المعمداني" في غزة.


المؤتمر الطارئ

إلى ذلك، قال رئيس الاتحاد البرلماني العربي، رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، في كلمة له أمس الأربعاء، خلال المؤتمر الخامس والثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي لمناقشة تطورات الأوضاع في غزة: إننا "نجتمع اليومَ في ظل ظرفٍ استثنائي غيرِ مسبوق، فالكيانُ الصهيوني الغاصب كشف علناً عن وجهِه الإجرامي العنصري الوحشي، وانتهاكِه الفاضحِ لحقوق الإنسان، ولجميعِ القيمِ الأخلاقية والإنسانية والدينية والعدالةِ الكونية بين جميعِ أبناءِ البشر على اختلاف ألوانِهم وأعراقِهم وأديانِهم وانتماءاتِهم".

وأضاف، أن "واجبَنا القومي والعروبي والإسلامي، كبرلمانيين ممثلين لشعوبِنا وآمالِهم وتطلعاتِهم، يفرض علينا اليوم التكاتفَ والعمل معاً لاتخاذ موقفٍ جماعي حازم وفعلي، لكبح جماحِ الكيان الإسرائيلي الدموي، وتحميلِه تبعاتِ تصرفاتِه وممارساته البربرية الهمجية ضدّ شعبٍ أعزلَ متمسكٍ بهُويتِه وثقافتِه وأرضِه"، مشيراً إلى أن "الوضع الراهن يُنذر بجرِّ المنطقة العربية بأكملها إلى أتونِ حربٍ مدمرة لن تنفع معها بياناتُ الإدانة والشجب، بل يستوجب اتخاذ قراراتٍ حاسمة تضع حدّاً نهائياً للاعتداءات والانتهاكات المستمرة من الكيان الصهيوني منذ سبعةِ عقود".

وطالب الحلبوسي، "المجتمعَ الدولي والضميرَ العالمي الحر، بالتدخل الفوري لوقف الحرب والأعمال العسكرية والمجازر المروعة بحق الأشقاءِ الفلسطينيين"، مشدداً على "ضرورة العمل فوراً على إدخال المساعدات الإنسانية والغدائية والطبية العاجلة".

واختتم بالقول: "لا يسعني في اجتماعِنا الطارئ هذا وفي هذه الظروفِ الاستثنائية إلا أن أثمّنَ عالياً تضحياتِ وصمودَ الشعبِ الفلسطيني الشقيق"، مؤكداً أن "الحلَ الجذري لهذا الصراع المزمن يكمن في استعادةِ الشعبِ الفلسطيني لكاملِ حقوقِه غيرِ القابلةِ للتصرف، وعلى رأسِها الحقُ بإقامةِ دولتِه الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

من جانبه، قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، رئيس الوفد العراقي المشارك في أعمال المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي، في كلمة خلال المؤتمر: إنّ "فلسطين هي القضية المحورية الأولى، وإن ما يحدث فيها يتطلب موقفاً موحداً وحازماً وشجاعاً واستثنائياً"، مبيناً أن "سلطات الاحتلال ارتكبت جريمة حرب كاملة الأوصاف بقصف مستشفى المعمداني في غزة، مستهدفة المرضى الراقدين والجرحى والنساء والشيوخ والأطفال والكوادر الطبية، في فعلٍ يندى له جبين الإنسانية".

وأضاف، "من العار على العالم أن تمر هذه الجريمة من دون حساب"، مديناً بشدة "الاعتداءات التي يمارسها الكيان المحتل ضد شعب غزة المحاصر، وانتهاكه الصارخ لجميع المواثيق والمعاهدات والقرارات الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان والأخلاق"، مطالباً "المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنهاء العدوان الصهيوني الهمجي وفق حل عادل يضمن للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته على كامل أراضيه بما فيها القدس عاصمة فلسطين، وضمان استقلال هذه الدولة وسيادتها".

وذكر المندلاوي، أن "على الدول العربية والإسلامية السعي بكل وسائل الضغط والقوة لفك الحصار الغاشم، وإيصال المساعدات الإنسانية والصحية، وإيقاف ما تمارسه سلطات الاحتلال من أبشع الانتهاكات بحق الأشقاء الفلسطينيين"، داعياً "الدول العربية والإسلامية ممن لديهم علاقات دبلوماسية أو تجارية مع كيان الاحتلال إلى مراجعة هذه العلاقات، التي جعلت من هذا الكيان أكثر تعنتاً وصلافةً وأضعفت الموقف الموحد تجاه القضية الفلسطينية".

وانطلقت في بغداد أمس الأربعاء، أعمال المؤتمر الـ35 الطارئ للاتحاد البرلماني العربي، برئاسة رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وبمشاركة رؤساء البرلمانات والوفود العربية، ويشهد المؤتمر مناقشة تطورات الأوضاع في غزة.


جهد دبلوماسي وقضائي

وفي الجهد الدبلوماسي لإيقاف مجازر الاحتلال في فلسطين، وصل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين، أمس الأربعاء، إلى مدينة جدة للمُشارَكة في الاجتماع الاستثنائيّ على مُستوى وزراء خارجيَّة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لبحث وقف العدوان العسكريّ للسلطة القائمة بالاحتلال على الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزّة.

في غضون ذلك، دعا رئيس هيئة النزاهة الاتحادية، القاضي حيدر حنون، المحكمة الجنائيَّة الـدوليَّة لمحاسبة مرتكبي مجزرة المستشفى في غزّة.

وشدد حنون، خلال الوقفة التي نظَّمتها هيئة النزاهة؛ تضامناً مع شهداء أبناء الشعب الفلسطيني "على وقوف العراق شعباً وحكومةً مع الشعب الفلسطيني الشقيق وتضامنه مع قضيَّته المصيريَّـة"، لافتاً إلى أنَّ "القضيَّة الفسلطينية لدى الشعب العـراقي قضيَّة (عقائديَّة – قـوميَّة) ولا يمكـن انفصالهـا عن ضمير العراقيـين، مُنبّهاً إلى أنَّ تطلعات الشعب الفلسطينيّ بإقامة دولةٍ على كامل ترابه وعاصمتها القدس الشريف أمرٌ حتميٌّ وسيتكلل نضال الشعب بالنصر الذي لا مناص منه."

ودعا حنون "المُنظَّمات الدوليَّة، لا سيما المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة، إلى تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة"، مُعرباً عن أسفه أن تحكم المُنظَّمات الدوليَّة المصالح، وتغلب مصلحة الدول الكبرى، على حساب إنصاف المظلومين، رافضا أن تختل معايير العدالة تبعاً لمعايير غير موضوعيَّةٍ، عادّاً ذلك عاراً يصم أية منظمة تدَّعي النظر في حقوق الإنسان وتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين، ومحاسبة المجرمين.

وشهدت جميع دوائر الدولة والجامعات والمدارس في عموم العراق، أمس الأربعاء، وقفة تضامن وحداد على ضحايا غزة والقصف على مستشفى المعمداني، كما شهدت مناطق وأحياء بغداد والمحافظات وقفات جماهيرية شارك فيها الآلاف من العراقيين تضامناً مع فلسطين وتنديداً بمجازر الاحتلال الصهيوني في غزة.

وأدانت حكومة إقليم كردستان القصف الإسرائيلي الذي استهدف المستشفى، وقال المتحدث باسم حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، في بيان، إن "حكومة إقليم كردستان تدين الهجوم الذي وقع على مستشفى المعمداني بغزة"، مجددا التأكيد، على "موقف حكومة كردستان من أن الحرب والهجمات العسكرية ليست حلاً لإنهاء المشاكل".

وارتكب جيش الكيان الصهيوني مجزرة مروّعة مساء الثلاثاء بقصف مستشفى المعمداني في غزة، مخلّفا مئات الشهداء 

والمصابين.