المتنبي وحسّاده.. عملٌ جديدٌ لمعروف الرصافي

ثقافة 2023/10/22
...

  سلطان صلاح

صدرَ حديثًا عن دار نقطة للنشر والتوزيع، بدولة الإمارات العربية المتحدة، كتاب (المُتنبّي وحُسّادُه) للشاعر العراقي معروف عبد الغني الرصافي (ت 1945)، بعناية وتقديم الأستاذ المحقق: عمر ماجد السِنَوي.
يَذكر الأستاذ السِنَوي في مقدّمته للعمل أن أصل هذا الكتاب بحثٌ شاركَ به الرصافي في مهرجان المتنبي الألفي، الذي أقامه المجمع العلمي العربي بدمشق، صيف عام 1936.
ومن الغريب أنَّ هذا العمل لم توجَد له إشارة في مَسرَد مؤلَّفات معروف الرصافي ورسائله ومقالاته، على كثرة مَن كتب عنه وعن أعماله! بل حتّى المجمع العلمي العربي بدمشق، لم ينشر أعمال مهرجان المتنبي الألفي هذا، مع أنّ الذين شاركوا فيه أعلام مبرَّزون من شتى البلدان، فقد شارك فيه من العراق فضلا عن الرصافي الأستاذ طه الراوي، والعلامة محمد رضا الشبيبي، وشقيقاه باقر وحسين، والشيخ علي الشرقي، وغيرهم. ومن مصر: العلامة محيي الدين عبد الحميد، والأستاذ أحمد أمين، والأستاذ عبد الوهاب عزام، وغيرهم. ومِن لبنان: الأستاذ أمين الريحاني، والأستاذ فؤاد البستاني، وغيرهما، ومِن فلسطين: العلامة خليل الخالدي، والأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي، وغيرهما. ومِن سوريا -التي رعت وزارةُ معارفها هذا المهرجان- شارك عددٌ كبير منهم، من أمثال العلامة عبد القادر المبارك، والشاعر عمر أبو ريشة، والأستاذ سليم الجندي، وغيرهم. ومِن المستشرِقين شارك العالِم السويدي كارل زِترستِن، والفرنسي ريجيس بلاشير، وغيرهما.
ولولا أنَّ صديق الرصافي المرحوم عبد الغفور البدري، الصحفي الشهير، قام بنشر بحث الرصافي في جريدته (الاستقلال)، لَما وجدنا اليوم سبيلًا يُوصِلنا إلى هذا الأثر النفيس من آثار الرصافي النقديّة الأدبيّة؛ فقد نُشر البحث في العام نفسه 1936 في صحيفة (الاستقلال) مُفرَّقًا على ثلاثة أعداد.
وقد أحسَنَ الأستاذ عمر السِنَوي في عنايته بهذا البحث، فكان مِن مَظاهر إحسانه أنه وضعَ عنوانات فرعيّة لموضوعات بحث الرصافي، فجاءت على النحو الآتي: (رَمزيّة الحسَد، سبَب الحسد، وصف المتنبي لحسّاده، من عجائب الحسَد، أبو فراس الحمداني يحسُد المتنبِّي، قيمة الشِعر، أنطَقَه الحسَد، موقف المتنبِّي مِن حسّاده، المتنبِّي وشعراء بغداد، زعمُهم أن المتنبِّي لا يُحسِن النَّسيب، أسباب قلّة النَّسيب في شِعر المتنبِّي، كسْر قَيد النَّسيب، تفنُّن المتنبِّي في النَّسيب بما لمْ يُسبَق إليه، غرَض المديح عند المتنبِّي، المرءُ ابن زمانه، شاعريّة المتنبِّي، المُقايَسة بين المتنبِّي وغيره، عودة إلى المديح عند المتنبِّي، فنّ المديح، المتنبِّي الفنان شاعر العروبة الخالد).
والجدير بالذكر أن الرصافي في كتابه هذا يلمح بالردّ على الأديب المصري د. طه حسين، وهذا ليس بأوّل موقف يقفه الرصافي في الردّ على طه حسين، فقد كانت له مُنازَلة أخرى مع طه حسين حول رأيه في أبي العَلاء المعرّي في كتابه: «في سجن أبي العلاء»، فَرَدّ عليه الرصافي في كتاب: «على باب سجن أبي العلاء».
ومما يُذكَر أيضًا من عناية عمر السِنَوي بهذا العمل، أنه قدّمَ له بمقدمة اشتملت على التعريف بهذا الأثر الجديد، وبيان علاقة الرصافي بالمتنبي، ثم ترجمَ للرصافي ترجمة اعتمد فيها على ما ثبت عنه لا على ما قيل فيه من إشاعات الأصحاب أو الخصوم، ولذلك أفرَدَ السِنَوي فصلًا للرَّدِّ على المُسيئين إلى الرصافي سواء في قضاياه الشخصية أو السياسية أو الدينية.
وأخيرًا يستشرف السِنَوي المستقبلَ لهذا العمل، فيقول: إنه سيحظى باهتمام الدارسين لأنّه ذو قيمة عالية في باب دراسة المتنبي وشعره، ودراسة الرصافي
ونقده.