رئيس الوزراء: غزةَ امتحان جديد للنظامِ العالميِّ
بغداد: محمد الأنصاري
دعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى إنشاء صندوق لدعم وإعمار غزة، مؤكداً أن العراق لنْ يتأخر عن تقديم أي مساعدة ممكنة للقطاع المحاصر ويرفض محاولات إفراغ غزة من أهلها، وبينما جدد موقف العراق المبدئي من القضية الفلسطينية، شدد على أنه يجب وقف تذويب القضية الفلسطينية ومحاولة دفنها، وليس من حقِّ أحدٍ أنْ يتصالح ويتنازل أو يتبرّع نيابةً عن الشعبِ الفلسطيني، فالفلسطينيون هم أصحابُ الأرض والقضية.
كلمة العراق
وقال رئيس الوزراء في كلمته في أعمال قمة القاهرة للسلام 2023، التي عقدت أمس السبت: إن «الشعب الفلسطيني يتعرض إلى عملية إبادة جماعية باستهدافِ المدنيين في المجمعاتِ السكنية والكنائس والمستشفيات»، لافتاً إلى أن «مجزرة مستشفى المعمدانية أظهرت الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني، ونواياه التي تجاوزت كلَّ الخطوط الحمراء».
وتابع: «إنها جريمةُ حربٍ مُكتملةُ الأركان، بدأت بقتلِ العُزَّلِ وفرضِ حصارٍ خانقٍ على ما تبقى من الأحياءِ منهم، إنه لمنَ الصعبِ حقاً أن نصوّرَ بالكلمات، ما يحدثُ يومياً من أعمالٍ فظيعةٍ لا تنقطعُ ومذابحَ لا تتوقف، ودفنٍ للأبرياءِ تحتَ أنقاضِ منازلِهم على أرضِ نزوحِهم الأوّلِ أيامَ نكبةِ عامِ 1948».
وشدد، على أن «غزة تشكل اليوم امتحاناً جديداً للنظام العالميِّ، الذي فشل مرات عدةٍ في تطبيق ما ينادي به من قيم الإنسانية والعدل والحرية، وفلسطينُ شاهد حيّ على هذا الفشل»، مضيفاً أنه «حان الوقت لوضع حدٍ لهذا الاحتلال البغيض، ووقفُ معاناة الشعبِ الفلسطيني».
وقال: إن «غزةَ اليومَ تشكلُ امتحاناً جديداً للنظامِ العالميِّ، الذي فشلَ مراتٍ عدةٍ في تطبيقِ ما ينادي بهِ من قيمِ الإنسانيةِ والعدلِ والحرية، وكانت ومازالت فلسطينُ شاهداً حياً على هذا الفشل».
ووجّه السوداني حديثه للزعماء وممثلي الدول المجتمعين في القمة، فقال: «ألمْ يحنِ الوقتُ لوضعِ حدٍ لهذا الاحتلالِ البغيض؟ أما آن لنا وقفُ معاناةِ هذا الشعبِ المكافحِ الصامد؟ الذي يصفه بعض الأصدقاء في كلماتهم بأن أعماله إرهابية! بينما الجرائم المدمرة الممنهجة للاحتلال الصهيوني هي دفاع عن النفس! على وفق القانون الدولي».
وأضاف، «متى نقر بأنَّ الظلمَ لا ينتجُ سلاماً مستداماً، وألّا سبيلَ لتحقيقِ الأمنِ والاستقرارِ وإنهاءِ العنفِ إلا بإزالةِ أسبابه، وفي مقدمتِها الاحتلالُ وسياساتُ التمييزِ العنصري».
وأكد، أن «الكيانَ الصهيونيَّ اليومَ مستمرٌ في خرقِ القوانينِ بما فيها قوانينُ الحرب، وهو ما سيؤثرُ في الأمنِ الدولي واستدامتِه، وقد يمتدُّ الصراعُ إقليمياً بما يهددُ إمداداتِ الطاقةِ إلى الأسواقِ العالمية، ويُضيفُ إلى أعباءِ الأزماتِ الاقتصاديةِ العالميةِ عبئاً آخر، ويفتحُ البابَ على صراعاتٍ أعمقَ وأوسع».
وتابع: «كما إنهُ (الكيان الصهيوني) مستمرٌ في خرقِ اتفاقيةِ جنيف الثالثةِ الخاصةِ بأسرى الحروب، والاتفاقيةِ الرابعةِ التي توفرُ الحمايةَ للمدنيين في الأراضي المحتلة، إلى جانبِ خرقه للعهدِ الدوليِّ الخاصِّ بالحقوقِ المدنيةِ والإعلانِ العالمي لحقوقِ الأنسان، وأكثرَ من ثمانيةٍ وسبعينَ قراراً لمجلسِ الأمنِ متعلّقاً بالقضيةِ الفلسطينية».
وأشار، إلى «أننا نخاطبُ الضمائرَ والعقول، ونقول: إن القضيةَ الفلسطينيةَ ما كانت لتصلَ إلى هذه الأوضاعِ المأساوية، لو أنّ القراراتِ الدوليةَ جرى احترامُها، ولو أنّ الهيئاتِ الدوليةَ تولّت مسؤولياتِها، واستمعت إلى شعبٌ لا يطلبُ سوى منحهِ حقوقَهُ المشروعةَ في تقريرِ المصيرِ والاستقلالِ والسيادة».
وأكد، أن «العراقَ يرفضُ بشدةٍ محاولاتِ إفراغِ قطاعِ غزةَ من أهلِه، ولا مجالَ أبداً للحديثِ عن إعادةِ التوطين، أو خلقِ معسكراتٍ للّجوء، أو غيرِ ذلك من دعواتٍ عفا عليها الزمنُ وليس من مكانٍ للفلسطينيين إلّا أرضَهم».
وشدد على «ضرورةِ الوقفِ الفوري لإطلاقِ النار، وفتحِ المعابرِ الحدوديةِ والسماحِ بدخولِ المساعداتِ الإنسانيةِ وموادِّ الإغاثةِ، ومن ثَمَّ العملُ بعد ذلك على ضمانِ تبادلٍ آمنٍ وشاملٍ للأسرى والمُعتقلين».
وقال السوداني: «إذا أردنا للمأساةِ ألّا تتكررَ يجبُ أنْ تُبذلَ الجهودُ من أجلِ رفعِ الحصار، بشكلٍ كامل، عن قطاعِ غزة، وإلى جانبِ ذلك ندعو إلى إنشاءِ صندوقٍ لدعمِ وإعمارِ القطاع، ونحن في العراق، لنْ نتأخرَ عن تقديمِ أيةِ مساعدةٍ ممكنة».
وأضاف، أنه «قبلَ كلِّ شيء، فإنّنا نشيرُ إلى أهميةِ وقفِ تذويبِ القضيةِ الفلسطينيةِ ومحاولةِ دفنِها، وإنهُ ليس من حقِّ أحدٍ أنْ يتصالحَ وأنْ يتنازلَ أو أنْ يتبرّعَ نيابةً عن الشعبِ الفلسطيني، فالفلسطينيون هم أصحابُ الأرضِ والقضية».
وأكد رئيس الوزراء، إنّ «الشرعيةَ الدولية، ومعها كلُّ الشعوبِ الحرةِ التي تؤمنُ بالعدلِ والإنسانيةِ على امتدادِ الأرض، تنادي وما زالت بدولةٍ فلسطينيةٍ عاصمتُها القدس، دولةٍ لا تمزّقُها المستوطنات، أو تذلُّها المعابرُ وسياساتُ التجويع».
وأضاف، «علينا أن ندركَ جميعا أنّ الاستمرارَ بتجاهلِ الحقوقِ المشروعةِ للشعبِ الفلسطيني لا يُنتجُ إلّا المزيدَ من العنفِ والتطرف، وكذلك المزيدُ من عدمِ الاستقرارِ في المنطقةِ والعالم».
وختم بقوله: «الرحمةُ والرضوانُ والقبولُ لشهداءِ غزة، وكلِّ شهداءِ القضيةِ الفلسطينيةِ على امتدادِ الزمن».
مباحثات مع الزعماء
وأجرى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، مباحثات مع عدد من الزعماء من أجل حشد التأييد العربي والدولي، لدعوة العراق لإعلان وقف فوري لإطلاق النار وفكّ الحصار المفروض على غزة، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر قمة القاهرة للسلام.
ودعا السوداني عبر سلسلة من المباحثات إلى تعاضد الجهود من أجل تسهيل نقل المساعدات الإنسانية، ودعم المبادرة العراقية بتأسيس صندوق داعم لأهالي غزة المحاصرين، والتقى رئيس الوزراء كلاً من: الأمين العام للأمم المتحدة وأمين عام الاتحاد الأوربي والعاهل الأردني ورئيس الوزراء الأسباني.
وفي لقائه على هامش القمة، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد رئيس الوزراء، ضرورة وضع حدّ للعدوان الصهيوني المستمر، والإبادة التي يتعرض لها أهالي غزة على يد قوات الاحتلال، وفتح الممرات الإنسانية لنقل المساعدات العاجلة، مشيراً إلى استعداد العراق لتسيير قوافل الدعم والمساعدة إلى غزة.
وأعرب السوداني، عن استعداد العراق للتواصل مع كل الدول والأطراف ذات الصلة؛ لتوحيد الموقف والوصول إلى خطوات عملية متفق عليها وطرحها أمام جميع دول العالم.
كما التقى رئيس الوزراء نظيره الإسباني بيدرو سانشيز، على هامش قمة القاهرة 2023، وجرى، خلال اللقاء، التداول بشأن الأحداث الراهنة في قطاع غزة، وتدهور الأوضاع الإنسانية نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي في قتل المدنيين واستهداف منازلهم.
وقال السوداني: إن ما قام به الفلسطينيون هو نتيجة طبيعية لسنوات من الحصار والاضطهاد والعدوان الذي كانت تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني، وأدى إلى أن يفقد الشعب الفلسطيني ثقته بالمؤسسات الدولية التي كانت تقف متفرجة على خرق القوانين والقرارات الدولية.
من جانبه، قدم سانشيز شكره لرئيس الوزراء على الجهود التي يبذلها العراق في هذه الأزمة، مؤكداً أهمية استمرار الحوار والتواصل بين الجميع من أجل تحقيق السلام، معرباً عن استعداد بلاده لدعم جهود العراق في التهدئة، خصوصاً المبادرة العراقية الرامية إلى وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة.
قمة السلام
يشار إلى أن العراق شارك في القمة إلى جانب قطر وتركيا واليونان وفلسطين والإمارات والبحرين، والمملكة العربية السعودية، والكويت، وإيطاليا وقبرص، بالإضافة إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، كما شارك في القمة، رؤساء وزراء كل من، بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، وقبرص، وتركيا والبرازيل، وكذلك المبعوث الخاص لدولة الصين، والمبعوث الخاص الأميركي، ووزير الشؤون الخارجية المغربي، ووزير خارجية النرويج، ونائب وزير الخارجية الروسي، ورئيس المجلس الأوروبي.
أخبار اليوم
كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني تشيد بالتحول الإيجابي الذي تشهده شبكة الإعلام
2024/11/25 الثانية والثالثة