العرب وسط الحرب والأزمة

آراء 2023/10/23
...

 سعد العبيدي 

تنتج الحرب في العادة، وكذلك الأزمات مواقف دولية رسمية منها أي الحرب، ومن القائمين عليها والأهداف المعلنة لها، وتنتج في الوقت ذاته مواقف منها شعبية غير رسمية، لا تأتي بالضرورة متطابقة مع المواقف الرسمية

 بل وقد تكون في بعض الأحيان مختلفة بمقادير تحاول الحكومات السيطرة على شدتها، أي إبقاء الاختلاف بمستوى غير قادر على انتاج ضغوط نفسية تكفي لتغيير الموقف الرسمي، مسألة باتت واضحة على المستوى العالمي لما يتعلق في الحرب القائمة على غزة في وقتنا الراهن، إذ أعلن الغرب على وجه العموم مواقف تأييد رسمية لإسرائيل حتى قبل التعرف على حقاق الموقف التعبوي على الأرض، وتوجهت الحكومات الغربية سريعاً للتحسب والسيطرة على المواقف الشعبية، وذلك بعدم السماح في الحديث الجماهيري عن غزة، ومنع التغريدات والنشر أو تحديده في وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم السماح برفع الاعلام الفلسطينيَّة، وحذف الأفلام الآتية من الجانب الفلسطيني مهما كانت مصداقيتها، والدفع في المقابل باتجاه تكثيف النشر الخاص بوجهات النظر  الإسرائيليَّة، وتداول الصور واللقطات والأفلام المتطابقة معها بغض النظر عن الشكوك بمصداقيتها. 

ذاك في الغرب المتوافق مع سياسة إسرائيل الداعم لوجودها، أما في الشرق العربي المتأرجح في المواقف، القلق من التبعات، نجد التعامل مع هذه الحرب والمواقف، مختلف لا يسير على وفق نظرية السيطرة على الشدة، حتى بات واضحاً الفرق الكبير بين المواقف الرسمية لعموم الدول العربية (مسك العصا من الوسط، التركيز على الجوانب الإنسانية من الحرب، والادانة باستحياء) وبين المواقف الشعبية التي تتجه إلى (الاحتجاج على ما يحصل، والمطالبة بالتدخل للحد من المجزرة التي تحصل)، إنه فارق شاسع يدفع باتجاه زيادة الشدة، والتي إذا ما استمرت في التصاعد على هذه الوتيرة، سنرى أزمات قد تواجهها الحكومات العربية، تزيد من وقع الاضطراب وعدم الاستقرار لعشرات مقبلة من السنين.