أحمد عبد الحسين
أنظار العالم متجهة إلى غزة هذه الأيام. فهناك حربٌ من طرف واحد قويّ ومتعجرف، لكنّ كثيرين يتوقعون أنّ هذه الحرب ستنبت لها أطراف عديدة قريباً إذا استمر الحال على هذا المنوال.
في العراق ليست الأنظار فقط هي التي تتوجه غرباً إلى حيث المذبحة، بل القلوب والضمائر كذلك. ولذا فإن الشارع العراقيّ، ومثله الإعلام أيضاً، لم يعد له شغل يشغله بقدر اهتمامه بما يحدث للفلسطينيين على يد هذا الوحش الخارج من أساطير صفراء عتيقة.
هذا الترقّب فرض هدوءاً هو هدوء من ينسى مشاغله التقليدية بانتظار حدث جلل سيقع عما قليل.
حدّة الاشتباك السياسيّ في العراق هي الأخرى خفتتْ إلى حدّ بعيد بسبب هذا الترقّب والانتظار. وهذا أثر جانبيّ محمود لواقعة غير محمودة. ففي الأحداث الكبرى تحصل مفارقات كهذه: أن تلهيك المصيبة عن المشكلة، أو أنْ ينسيك الألم الكبيرُ آلامك الصغرى.
الحراك السياسيّ العراقيّ أحوج ما يكون إلى الهدوء والسكينة، لأنّ جزءاً وافراً من معضلاتنا التقليدية إنما كان بسبب الشدّ والجذب والتصريحات والتصريحات المضادّة التي ينشغل بها أصحابها زعيقاً في الفضائيات فيشغلون الرأي العامّ والشارع تناحراً وانقساماً.
توحّد الشارع اليوم في ترقّبه، ويبدو أن الساسة أيضاً ألهاهم الترقّبُ عن التغالب والتلاسن في ما بينهم فاستراحوا وأراحوا.
المنعطف المقبل وعنوانه غزة وما يتبعها، منعطف مخيف. ودور العراق ومواقفه الثابتة التي عبّر عنها رئيس الوزراء أول من أمس في القاهرة لن تجعل العراق بعيداً تماماً عن حريق سيحرص كثيرون، ومنهم أميركا وإسرائيل، أن يكون ممتداً شرقاً حيث تتوافر أشياء قابلة للاشتعال كالنفط والغاز والمواقف غير المهادنة وغير المستسلمة.
هدوء الساسة وتوحّدهم وتأجيل شؤونهم الصغرى، أمور يحتاج إليها استقرار البلد ويطلبها الشارع وتفرضها ضرورة أن يكون لنا بيت متماسك حين تهبّ العواصف.