ساطع راجي
كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن أنها تمكنت من شمول 7 ملايين مواطن بالحماية الاجتماعية، وجاء هذا في تصريح للسيد الوزير أحمد الاسدي في مؤتمر صحفي عقده يوم 20 أيلول الماضي، وأكد الأسدي أن «العمل متواصل، ومستمر لحين شمول جميع الأسر الفقيرة بالاعانة الاجتماعية»، ما يعني أن الرقم قابل للزيادة، كما أكد نائب رئيس لجنة التخطيط الستراتيجي ومتابعة تنفيذ البرنامج الحكومي النائب محمد البلداوي هذا الرقم بعد اجتماع مع الأسدي، في تصريح لجريدة «الصباح»، نشر بتاريخ 18/تشرين الاول.
يستحق أداء وزارة العمل الإشادة والتقدير، فالوصول إلى كل هؤلاء المحتاجين للحماية الاجتماعية ودراسة وتدقيق حالاتهم، ثم توفير التخصيصات المالية وإدارة توزيعها مهمة صعبة، ويحق للحكومة الحالية أن تفخر بتحقيق هذا الانجاز، الذي يؤكد أنها تعتبر الفئات الضعيفة والهشَّة في مقدمة أولوياتها بغض النظر عن التشكيك
بالنوايا.
من جهة أخرى، في تموز الماضي أعلنت وزارة التخطيط أن عدد سكان العراق هو 43 مليونا و324 ألف نسمة، بينما أكدت هيئة الإحصاء في إقليم كردستان، أن سكان الإقليم تجاوزوا الـ7 ملايين نسمة، ولأن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الاتحادية لا يشمل عملها إقليم كردستان، يكون السبعة ملايين مشمولين بالحماية، هم من أصل 36 مليون مواطن، أي أن أكثر من ربع سكان العراق (عدا الإقليم) يعيشون على الحماية الاجتماعية، وهي تقدم مبالغ لا تكاد تسد الرمق، ولا توفر بكل الأحوال معيشة لائقة، بل وهناك من ينتظر الانضمام إلى طابور المستفيدين، وبالتالي فإن عدد الفقراء بحسب التصريحات والبيانات الرسمية أكبر من ذلك بكثير، وإذا ما أضفنا لهم الفقراء في كردستان وكل الفقراء الذي يستلمون رواتب هزيلة، وكل الذين لا يمكن قانونيا شمولهم بالحماية، نكون أمام صورة سوداء مأساوية، حتى لو استمعنا إلى مقولة إن «بين هؤلاء ادعياء فقر وليسوا
فقراء».
إن الأداء (في هذا الملف) الذي يمكن لوزارة العمل والحكومة الفخر به يكشف في الوقت نفسه عن أزمة خانقة تواجه النظام الاجتماعي كله وليس النظام السياسي فقط، فالارقام تعني أن جزءا كبيرا من المواطنين، لا يحصلون على نسبة عادلة من الثروة الوطنية، ومع الإقرار بالتردي المزمن للخدمات الاسكانية والصحية والتعليمية وقطاع الطاقة، سندرك مستوى صعوبة حياة هؤلاء حتى لو حصلوا على أموال من شبكة الحماية، وإذا وضعنا هذا إلى جانب صور الثراء الفاحش في مجتمعنا، الذي غالبا ما يكون المال العام مصدره، يمكن استنتاج مستوى الغضب على النظام السياسي، الذي سيدفع دائما بمئات الآلاف سنويا للمطالبة بفرص تعيين حكومي.
إن الإقرار الرسمي بهذه الأرقام المفجعة يتطلب البحث عن منظومة أكثر عادلة لتوزيع الثروة، وتمكين الفئات الهشة من الدخول في قطاعات العمل المنتج، لأن مسار الإنفاق هذا خطير جدا، مع الاعتماد على النفط كمصدرٍ وحيدٍ لدخل الدولة، هذه قضية نظام سياسي لا وزارة ولا حكومة.