قصة صداقة هوغيت كالان في غاليري {جانين ربيز}

ثقافة 2023/10/25
...

يقظان التقي



بمناسبة مرور 30 عاماً على معرضها الأول العام 1993، تحتفل نادين بكداش في غاليري جانين ربيز بصداقتها مع الفنانة التشكيليَّة هوغيت كالان في معرض استعادي يستعيد لحظات ملوّنة، تشير إلى مسار فني وإنساني جمع بين السيدتين، بين إنسانة صاحبة شخصية ودية، منفتحة أصيلة وفنانة اكتسبت شهرة عالمية، وصاحبة غاليري ترتبط عميقاً في ذاكرة المدينة بيروت.
حظيت كالان ابنة رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق بشارة الخوري بمتعة العيش. وكان كل شيء ممكناً. فسيطرت على حريتها وطريقة تفكيرها المستقلة وأخذتها إلى مغامرة فنية مثيرة وغير تقليدية. عام 1993 عرضت عليها نادين بكداش فكرة عرض أعمالها الفنية (الأقرب إلى تصاميم فنية سينوغرافية وتصميم أقمشة وتجهيزات) فكان المعرض الأول العام 1994 في العاصمة بيروت. انتقلت كالان إلى أدما، مطل جميل على خليج جونية وعملت بدون كلل على سلسلة فنية “وجوه وأماكن”، أنجزتها على المرتفعات برفقة الفنانة القديرة هيلين الخال. بعدها غادرت إلى كاليفورنيا، لتعود وتقيم معرضاً آخر في العام 1997، ولتنطلق في مشوار توصل فني وتعاون مع نادين بكداش لعقدين من السنين على خط بيروت/ لوس أنجلوس، لتنتهي في العام 1998 على حدود الموت والحياة، وتدرك خطأها بعيداً. اختبرت نادين بكداش مشوارها طويلاً.غالباً ما تنشر صورها ومعارضها التي اكتسبت شهرة عالمية وآخر أعمالها حصدت في دار كريستيز قيمة مالية كبيرة/ ترجمة لاختبار لوحة مشت نحو العالمية بخصائصها التلقائية والعفوية، وصناعة لوحة فنية وأشغال من أشياء وموتيفات شاعرية بسيطة. هوغيت كالان غادرت محترفها/ لم تغادره. ليس هناك من موت قط، الموت أشغال أخرى بالأسود، والأسود كل الألوان التي اختبرتها، بعد مسار تزويقي مزركش/ فانتازي رسمته وحاكته بابتسامتها العريضة وأرستقراطيتها الراقية الجميلة. حاكت سجادة وأخرى وحيوات قصة انتهت على الحائط . رسمت اسكتشات سينوغرافية مصورة، ولوحات بتركيب فني تجهيزي بسيط ولكن شاعري. كان يمكن لابنة رئيس الجمهورية أن تختار تصميماً آخر مختلفاً، اختارت مسرح حياة أخرى، واختفت وراء أصابعها، ودثارها الفضفاض وصمتها ولغتها الفرنسية الرخيمة. أقامت على كرسي فنّي، وبقيت على تواضعها، وأناقتها ورهافتها وصمتها. لا ادعاء ولا سعي وراء الشهرة ولا نجومية. فنانة تنتج ذاتها/ امرأة تنتج ذاتها لذاتها، ولولا نادين بكداش ما ذهبت لوحتها إلى الآخر في منتج فني جميل على رهافة بالغة، ما حملها إلى صالونات كبرى عالمية. فنانة تدعو إلى الحيرة النقدية. لا تستطيع أن تميز وأنت تشاهد أعمالها بين طفلة مشاكسة وملكة. بين امرأة وأخرى. كأنها في حديقة طفولية، وحالمة أخرى في مدينة تأتي من خلف الحزن والظلال على ليونة/ نعومة/ وعذوبة حساسة، مرعبة خلف ظلال من التصورات الكامنة من الصعب الإمساك بها، لاسيما ما يتعلق منها بحياتها العائلية. لكن هي التي تجرأت على كسر تابوات سياسية واجتماعية وقفزت إلى المرتفعات بنظرات أخرى من دون سلوك درب البهرجة والنجومية. .

كانت فنانة شاملة على طريقتها المثقفة. جسدت شغفاً وحناناً غريباً يلامس جسدها وهندامها قماشة فنانة مختلفة. كأنها دمية النغم اللوني في نظرات مختلفة، وبشغل ضالته الفرح بالحياة والتجريب بخطوط وحواس جاذبة، ودوماً مرحب بها. لو لم تكن فنانة لصارت امرأة كهنوتية ما خلف اللوحة المزركشة من ملامح وألوان أخرى. لكنها انجذبت إلى الأشياء المصغرة، والسطوح الملونة ولهندسة مكونات الحياة البسيطة بأشكالها وألوانها المقتصدة من دون تشويه ولا مغالاة. كان يمكن أن تقضي عمرها كجزء من نسيج آخر. فضلت أن تشغل فضاء تشكيلياً/ اجتماعياً مع شخوص لهدايا لونيّة مغلفة بحب باروكي كلاسيكي وبكبرياء الضوء الصامت.