ستراتيجيَّة ديفيد بن غوريون

آراء 2023/10/25
...

 سيف ضياء


عندما سئل ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، عن الستراتيجيَّة المستدامة التي تجعل ما يعرف بدولة إسرائيل تحتل مكانة قوية، أجاب قائلاً: “إن قوتنا ليست في قدرتنا النووية، وإنما في تفتيت ثلاث دول كبرى حولنا، وبالتحديد (العراق وسوريا ومصر)، لتصبح دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية. 

ونجاحنا لا يعتمد على ذكاءنا، بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر”. 

في ظل التطورات الإقليمية الراهنة، يبدو أن الكيان الصهيوني لا يزال يطبق وينتهج في السياسات العامة له نفس الستراتيجيَّة الخبيثة لـ(ديفيد بن غوريون )، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار الدول العربيَّة وتقويض مصالحها، اذ اعتمدت هذه الستراتيجيَّة على فكرة مركزية مفادها إن القوة الحقيقية للكيان الصهيوني تكمن في القدرة على التأثير والتنظيم، وليس فقط في القوة العسكرية، تعكس هذه الفكرة تحليلًا دقيقًا للتحولات السياسيَّة والاجتماعيَّة في المنطقة، وتسلط الضوء على قدرة الكيان الصهيوني على استغلال هذه التحولات في مصلحته.

ومع ذلك، تنشأ العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونيَّة والسياسيَّة حول الأساليب التي تم استخدامها لتحقيق الأهداف المرجوة، اذ يمكن أن يثير تبني ستراتيجيَّة التأثير والتنظيم تساؤلات حول الأخلاقيات المرتبطة بتلك الأساليب والتأثير على الشعوب والمجتمعات المعنية.

علاوة على ذلك، تكشف هذه الستراتيجيَّة عن فشل العالم العربي في مواجهة تلك الستراتيجيَّة والتعامل مع تحدياتها بطريقة فعالة، اذ يمكن تفسير هذا الفشل بأنه ناتج عن ضعف الاستعداد السياسي والقانوني والاجتماعي في العالم العربي، وعدم القدرة على الاستفادة من التحولات السياسية والاجتماعية لصالحه.

وفي نهاية المطاف يمكن القول وبشكل عام، إن ستراتيجية بن غوريون تعبر عن رؤية مُحَكَّمَة لتحقيق أهداف الكيان الصهيوني، وتلقي الضوء على الأبعاد السياسية والاجتماعية والأخلاقية المرتبطة بهذه الأهداف والأساليب، التي تم استخدامها لتحقيقها، لذا يجب علينا جميعا تسليط الضوء على أهمية قراءة الأحداث وتحليلها بدقة من قبل الشعوب العربيَّة، إذ إن عدم الوعي والتثقيف يجعل الشعوب عرضة للتأثير الخبيث للستراتيجيَّة الصهيونيَّة.