عصام كاظم جري
نحن على يقين تام بأن أحد توصيفات الإعلام الدقة والمسؤولية في إيصال ونقل الحقيقة والخبر إلى الفضاء الخارجي، لا سيما أن قنوات الأخبار أصبحت اليوم أوسع مما كانت عليه سابقا، وفي الآونة الأخيرة وردت بعض الأخبار غير المسؤولة، تمَّ تداولها وتناولها هنا أو هناك، بأن وزير الخارجية الأمريكي «قام بإجراء بعض الاتصالات بمسؤولين وقادة استخبارات وقيادات عربيّة، خلال الساعات الماضية في محاولة مضنية لإقناعهم باستضافة سكان غزة قبل قيام الجيش الإسرائيلي المتربص خارجها بتسويتها بالأرض على حد تعبير بلينكن شخصياً»، هذا الموضوع مغرض وفيه من الإشارات العديدة لانكسار النفوس العربيَّة، لا سيما الفلسطينيَّة وارهاقها بعد المقاومة والمواجهة
والرد السريع والتصدي الفلسطيني، فما زال سقوط صواريخ الفلسطينيين مستمرا فوق مستوطنات إسرائيليّة، وما زالت الأضرار الماديّة والبشريّة الإسرائيليّة في تصاعد مستمر، وما زالت انذارات القبة الحديديّة تطلق أصواتها أمام الصواريخ الفلسطينيَّة المتطوّرة، وقد أكدت فشلها أمام التكنولوجيا الحديثة. وذهبت بعض الأصوات المغْرضة إلى أكثر من ذلك، حيث أخذ بعضهم مسؤولية تلخص تفاصيل الخطة الأمريكية بنقل مليون مواطن من سُكان قطاع غزّة إلى مصر وتوزيع باقي السُكان على كُل من السعودية وقطر والأردن والإمارات، نحن لسنا في اقتتال قبائلي تُسنُ فيه سنن العشائر والعشائرية من (جلوة) أحد الأطراف من أرضه وأهله من غير تفاوض أو هدنة أو مناقشة أو تدخل. الموضوع مختلف تماما فالأمم المتحدة ومنذ أول يوم للمواجهة بدأت تحذّر من عدد الذين نزحوا مؤخرا إلى جنوب غزّة، والذي بلغ عددهم أكثر من 450 نازحا، وأكد «انطونيو غوتيريش « الأمين العام للأمم المتحدة مخالفة إسرائيل للقوانين الإنسانيّة والدوليّة الخاصة ولهذه المخالفة عواقب إنسانيّة وخيمة ووصل إلى مستوى خطير. لا يخفى على أحد أن للحروب قواعد خاصة، ويجب احترام المدنيين وعدم استخدامهم دروعًا بشرية. وكذلك البيت الأبيض أخذ يدعو إلى احترام حقوق الإنسان، فضلا عن موقف الخارجيّة الصينية التي بدأت تدعم الدور المهم لوصول المساعدات الإنسانيّة للشعب الفلسطيني في غزّة، وما زالت دولة الصين تدعو إلى الحل السلمي، وعرضت روسيا مشروعا لمجلس الامن يدعو إلى إيقاف الحرب بين إسرائيل وفلسطين، ومن جهة أخرى أكدت الصحة العالمية جاهزيتها لتوزيع المساعدات بين الشعب الفلسطيني في حالة فتح معبر آمن في غزّة، ولا ننسى الدور السعودي وتصريح وزير خارجيتها، حيث أكد أن تلتزم إسرائيل بالقانون الإنسانيّ والدوليّ الخاص، وكذلك الدور المصري في تفعل كل ما بوسعها لإيصال المساعدات إلى غزّة، فضلا عن المناشدات الأخرى من الأردن وإيران.إذَا التوتر والتحسب لا يقفان في حدٍ واحد من حدود الخريطة العربيَّة والعالميّة، وإسرائيل ليست بتلك القوة الخارقة والمهيمنة مهما امتلكت من أسلحة متطوّرة ومتقدمة، والدليل فضيحة خسارتها التي لحقت بها أمام قوة حركة حماس، لذا أخذت تخشى الرد وبدأت تطلب من سكان غزّة التوجه نحو الجنوب للابتعاد عن
الاستهداف.
ولغاية الآن يُواجه القصف الإسرائيليّ لغزّة بالرفض من جميع البلدان العربيَّة وغير العربيَّة.
وذهبت بعض أدوات الإعلام الفاسد بأن «بلينكن» أكد تهديده في حالة استمرار التعنُت العربيّ ورفض خطته، ويحمّل مسؤولية الخسائر البشريّة المُتوقعة في صفوف الفلسطينيين للقادة العرب. في حالة قيام إسرائيل بهدم مباني غزّة فوق
سكانها.