طوفان يُـغرق العدو والصديق

آراء 2023/10/25
...

 علي الخفاجي


يذكر لنا العلامة اللغوي الكبير إبراهيم السامرائي وهو صاحب عبارة العرب الأشقياء، نتيجة عدم استقباله في مطار القاهرة وعرقلة اجراءاته، وذلك من أجل الحضور لمؤتمر مجمع اللغة العربيَّة الذي أقيم هناك، حيث يذكر السامرائي في أحد كتبه بأن هنالك عددا كبيرا من المصطلحات والتعابير، التي نستخدمها وعلى نطاقٍ واسع، هي مستوردة ودخيلة على اللغة العربيَّة، فمن هذه الكلمات (القضية مطروحة على بساط البحث) و (اللعب بالنار) و (حجر عثرة) وغيرها الكثير من 

الكلمات.

منذ تأسيس جامعة الدول العربيَّة والذي مضى عليها أكثر من سبعة عقود وإلى يومنا هذا وأمة العرب تعاني كثيراً من مقررات هذه الجامعة، وبصريح العبارة لم نجنِ منها أي موقف مسؤول أو ردة فعل مباشرة وحاسمة على المواقف الدولية بمختلفِ أنواعها، خصوصاً موضوع القضية الفلسطينيَّة، ما يجري اليوم في فلسطين ليس غريباً ولاجديداً بل يحدث كل يوم وعلى مدار السنوات الماضية، فمنذ عام 1947 وإلى الآن والعرب لم يحركوا ساكناً مكتفين بالشعارات الرنانة ويتاجرون بتلك القضية دون أي اجراء فعلي ولم تستطع أي دولة عربية على إيجاد حلول ناجعة من شأنها أن تنهي الجدل القائم، والذي راح ضحيته أبرياء وضحايا كثر، ما يحدث اليوم في غزّة، هو ردة فعل للعمليات العسكرية الصهيونية وللانتهاكات الصارخة على شعبٍ أعزل أقصى، مطالبه إخراج المحتل من أراضيه المفترضة وليس كما يصوره الإعلام الغربي بأن عملية (طوفان الأقصـى)، هو هجوم على إسرائيل غير مبرر وغير منطقي مصورة الأحداث على عكس الواقع، ومع شديد الأسف هنالك قنوات ومؤسسات إعلامية عربية تأثرت كثيراً بذلك الإعلام، حيث وقبل أيام دعت وسائل إعلام بحرينية الفلسطينيين على عدم ضرب المستوطنات الآمنة، وعدم زج المدنيين الإسرائيليين بهذه الحرب!، وكأن القوات المحتلة تنثر الورود على الأحياء والمدن الفلسطينيَّة الآمنة، ولم تستخدم الأسلحة المحرمة لضرب المدنيين، في زمن أصبحت المعطيات واضحة وجلية، ولن تحتاج إلى جهدٍ جهيد لاستقصاء المعلومة، نستغرب كثيراً من موقف الإعلام العربي الخجول، الذي لم يوفِ حق الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية جهاراً نهاراً، وأغلب قادة الغرب بزيادة الزخم وامداد إسرائيل بالسلاح وحسب تعبير البنتاغون، والذي صرح عبر ناطقه بأن الولايات المتحدة بصدد إرسال بوارج حربية إلى منطقة الشرق الاوسط تحسباً لأي طارئ، لم نسمع خطاباً واقعياً من أي من القيادات العربيَّة وأصحاب القرار إلا ماندر، ولم نسمع عن أي إمدادات متاحة للشعب الفلسطيني دون خوف أو خجل، لمنع تصفية القضية الفلسطينيَّة والتصدي لمسار دمج إسرائيل إلى المنطقة.

على ما يبدو أن الموقف العربي الموحد كما تدعي جامعتنا العربيَّة، بات غير موحد ومتشظٍ من القضية الفلسطينيَّة، وأن العرب فهموا تلك العبارة الدخيلة، التي أشارَ إليها السامرائي إلى أن القضية الفلسطينيَّة، ما زالت مطروحة للنقاش، بحيث أصبحت ديباجة للعرب ولجامعتها دون أي حلٍ منظور.