حضارات غرقى تحت الرمل

الصفحة الاخيرة 2023/10/25
...

 الرمادي: محمد إسماعيل


تغرق تحت رمال صحراء الأنبار، حضارات ذات تاريخ عميق.. ثراء ثقافي، لا يمكن مناقشته من دون الاعتراف بجذورها القديمة، حيث تكشف الأدلة الأثرية أن هذه الأرض كانت مأهولة بحضارات متعاقبة تعود إلى الألف السادس قبل الميلاد، فالموقع الستراتيجي على طول طرق التجارة، التي تربط بلاد النهرين بالشام والجزيرة العربية، جعلها إناءً تنصهر فيه الثقافات والأفكار والتجارة، على مر قرون شهدت صعود ممالك وسقوط إمبراطوريات.. سومر وآشور وبابل وفارس، مخلفة وراءها نسيجًا غنيًا من الآثار التاريخية، التي ما تزال تأسر المؤرخين والعلماء والمنقبين حتى يومنا هذا.

ورصد الشاعر الميساني جلال البطاط، الأنبار "أشما دار الزمان وبعد خل يندار.. يظل مرسى السفينة عد أهل الانبار.. مضايفهم زهيه وعامرة الدلات.. وعزيمتهم ذهب ما يعرف الزنجار.. أهل نخوة أعربية والكرم والجود.. وإذا عايل سحكَها الكَاع تجدح نار"، وقال فيهم الشاعر صفي الدين الحلي "أبت أخلاقنا شرفاً أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا".

ولفت نقيب فناني الأنبار د. فاروق العيساوي: إلى أن عددنا قليل وأفعالنا عظيمة" ليقف بنا عند صفي الدين الحلي ثانية "سلي الرماح الـعوالي عن معالينا.. واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا.. بيــض صنائعنا سود وقـائعـنا.. خضر مرابعنا حمر مواضينا".

تقضي النبوءة الإسطورية، أن التزامن في جفاف نهر الفرات وبحيرة طبرية معاً، واحدة من علامات مؤكدة، على نهاية العالم، ولأن وادي ممر الفرات في مدينة حديثة الأنبارية جف سبخاً؛ فإن الشاعر صباح الحلبوسي أفاد: فلأودع زوجتي وأولادي بقبلة الفراق ما دامت مدينتنا حديثة بداية إفول الكون وحلول القيامة و... نهاية العالم، منوهاً بأن من المفارقات أن مجاميع اكتظ بهم وادي الفرات في حديثة بانتظار تفجر بركان الذهب، الذي يصفه الموروث الشعبي.. محلياً.. في حديثة، عند انحسار مياه نهر الفرات عن جبل من الذهب ...فجف الوادي ولم تظهر قمة جبل الذهب ولا سفوحه، ولا حتى صخرة ذهب بحجم جناح بعوضة، ومع ذلك لم يتفرق إلا قليل منهم.. ما زالوا ينتظرون، والجهات الرسمية تركتهم ريثما يصطدمون بجدار الزمن، فيوهن صبرهم ويتفرقون بخفي حنين!.