بغداد: الصباح
فتحت زينب جلال أحمد، غمام العتمة الذي يمطر نوراً من عينيها.. عيناها كليلتان جعلتا عقلها يتوهج، في تقدم يتلاحق طردياً مع الحياة.. زينب كفيفة في سباق طردي مع اللغتين.. الإنكليزية والفرنسية.. مترجمة على الكومبيوتر، تسرد قصتها مع إنارة الظلام المحيط بتوهج داخلي: ولدت في العام 1984.. متزوجة.. بكلوريوس إنكليزية من كلية اللغات.. جامعة بغداد، حصلت في السادس الأدبي على معدل 88 ودرست الإنكليزية في تحد للحياة؛ لأن أقراني الكفيفين، يدرسون على أشرطة الكاسيت، ووالدي اشترى لي جهازاً مسجلاً، لم أرتح له، فاعتمدت على أبي وأمي وإخوتي.. وجدي وجدتي وأخوالي.. تعب الجميع معي، منذ الابتدائية في معهد النور الخاص بالمكفوفين في حي السلام، إلى الإعدادية، وقالت: العمى ولّادي؛ نتيجة إصابة أمي بالحصبة الألمانية وهي حامل بي، تعب أهلي في مستشفيات الشرق والغرب، من دون جدوى، فتعودت حالتي.. راضية بما قسم الرب.. دخلت دورة أتكيت، وعملت في شركة طيران أماراتية مستفيدة من إنكليزيتي، عبر الكومبيوتر والموبايل الناطقين، وأجيء الى العراق للامتحان من مئة، عائدة إلى الاستقرار في وطني بعد العام 2009 حيث تعينت في وزارة التعليم العالي، مترجمة بمكتب المدير العام، أترجم إيميلات وأبعثها إلى الجامعات، وإستقريت في شعبة الترجمة بين العربية والإنكليزية.. تبادلاً، مؤكدةً: الترجمة بحاجة لدقة.. أستوفيها سمعاً، والمبصر.. قراءة، أما في الترجمة الفورية، فيتساوى الأعمى والمبصر.. كلاهما يحتاج سمعاً.
وأفادت: "سر توجهي إلى اللغتين الفرنسية والإنكليزية، هو سماع أبي وعمي يقولان: المكفوفون يدرسون الشريعة واللغة العربية؛ فقررت التميز عن قدري.. أكون زوجة وموظفة.. اتقنت المكياج، وأقارن نفسي ببنات خالي.. صيدلانيات وأخوتي مهندسون، برغم إعفاء المكفوفين من الفيزياء والكيمياء والرياضيات، في المرحلتين الثانوية والمتوسطة، وإلزامهم بالأدبي في الإعدادية، إلا أنني درست كل شيء!" منوهة بأنني "أكتب القصيدة بطريقة بريل؛ كي أحفظها، وهذا يؤرقني، أختار ثيابي بنفسي من "بابيت" ثمة أقمشة أعرفها باللمس، أعاني صعوبة بالتنقل، وأصرُّ على رفض العصا البيضاء، والآن أستعمل برنامج ريد سكرين أسرع وأسهل من برايل".