المقاومة الفلسطينيَّة تُحبط التوغل الصهيوني البري في غزّة
القدس المحتلة: وكالات
أعلنت حركة المقاومة الإسلاميَّة الفلسطينية "حماس"، أمس السبت، فشل الهجوم البري الذي شنه الاحتلال الصهيوني على غزة عبر 3 محاور، مؤكدة إيقاع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح، وقالت الحركة في بيان لها، إن العدو وقع في "كمائن أعدتها المقاومة الفلسطينية"، مشيرة إلى أن المقاومين استخدموا صواريخ من نوع "كورنيت" وقذائف من نوع "ياسين" في صد الهجوم، كما توقع البيان، أن يعيد العدو "محاولة التوغل في غزة مرة أخرى"، مضيفاً أن الاحتلال الصهيوني استخدم "الطائرات المروحية لإجلاء الجرحى والقتلى من ساحة المعركة".
يأتي ذلك، عقب ليلة قصف هيستيري نفذته قوات الاحتلال جواً وبراً وبحراً على القطاع المحاصر، مستخدمة آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ عبر الطائرات والمدفعية، بمشاركة أكثر من 100 مقاتلة صهيونية وعشرات من مروحيات "الأباتشي" وبإسناد مدفعي.
وقال عضو قيادة حركة "حماس" في الخارج، علي بركة، أمس السبت: إنَّ التوغل الصهيوني في قطاع غزة على 3 محاور انتهى بالفشل، مؤكداً أنَّ الاحتلال واجه مقاومةً صلبة ومتماسكة وتجربته في التوغل البري فشلت، وأضاف، أنَّ "الاحتلال وقع في كمائن نصبتها المقاومة على الجبهات كافّة، التي تقدّم إليها وانسحب حاملاً قتلاه وجرحاه"، وكشف أنَّ "الجيش الصهيوني، تكبّد خسائر فادحة ليلة الجمعة، وتدخّلت مروحياته لنقل قتلاه ومصابيه".
وفي السياق نفسه، قال القيادي في حركة "حماس"، أسامة حمدان، إنَّ الاحتلال الصهيوني يأمل الخروج بصورة انتصار بعد هزيمة السابع من تشرين الأول الجاري، وأشار إلى أنَّ ما يجري في قطاع غزّة يطرح سؤالاً كبيراً على كل من فكّر في أنّه يُمكن التصالح مع هذا العدو والتعامل معه، متابعاً أنَّ النتيجة التي بدأ الأميركي يُدركها هي أنَّ كل محاولات التطبيع انهارت مع بداية "طوفان الأقصى".
كما دعا حمدان كل من يملك السلاح باسم الشرعية الفلسطينية، لأن يصوّبه تجاه الاحتلال الصهيوني، وشدد على أنه لا تفاوض بشأن أسرى الاحتلال قبل انتهاء العدوان، مضيفاً أنَّ التصريحات الأميركية لا تُقلل من حجم تورّط الولايات المتحدة في العدوان على غزّة.
قصف عنيف
بدروها، ذكرت وسائل إعلام عبرية أنَّ كبير المستشارين الأميركيين، الجنرال جايمس غلين، الذي زار "إسرائيل" هذا الأسبوع، موصياً بعدم الدخول البري إلى قطاع غزّة، عاد إلى الولايات المتحدة، ولفت الإعلام العبري إلى أنَّ الجيش الأميركي أوضح أن لا علاقة له بأي قرار يتخذ بشأن الدخول البري إلى غزة، واعتبرت واشنطن أنَّ القرار "إسرائيلي بحت"، بحسب زعمها.
ومنذ ليل الجمعة/ السبت، صعّد الاحتلال وتيرة قصفه لقطاع غزة إذ طال القصف المناطق الشرقية والشمالية على وجه الخصوص، بالتزامن مع محاولات اقتحام بري للقطاع، التي صدّتها المقاومة الفلسطينية، كما قطع الاحتلال الصهيوني الاتصالات والإنترنت عن كامل قطاع غزة.
إبادة جماعية
من جهتها، حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أنَّ قطع الاتصالات والإنترنت في غزة يهدّد بالتستر على "فظائع جماعية".
وواصل الاحتلال الصهيوني أمس السبت، عدوانه على قطاع غزة، لليوم الـ22 على التوالي، مستهدفاً منازل المدنيين، بينما تجاوز عدد الشهداء في القطاع 7 آلاف، وهناك عشرات الآلاف من المصابين والمفقودين، وفقاً لما أعلنه مكتب الإعلام الحكومي في غزة.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية فجر أمس السبت، أنَّ أكثر من 100 شخص استشهدوا من جراء قصف صهيوني استهدف منزلاً متعدد الطوابق كان يؤوي نازحين في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، كما تمّ استهداف منزل قرب "النادي الأهلي" في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، ونقل عدد كبير من الشهداء والإصابات إلى المستشفيات.
وأفادت مصادر بأنّ قوات الاحتلال قصفت بعض مناطق مدينة غزة بقنابل الفسفور المحرمة دولياً، فيما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنَّ نحو 1000 فلسطيني ما زالوا تحت الأنقاض. وأكّد رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر أنَّ "المدنيين يتعرضون لأعنف قصف تشهده غزة على الإطلاق"، بدورها، أشارت منظمة "أطباء بلا حدود"، إلى أنها "تشعر بقلق عميق إزاء الوضع في غزة"، وأنها "فقدت الاتصال بزملائها على الأرض".
من جهتها، أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "الانقطاع الكامل لكل خدمات الاتصالات والإنترنت مع قطاع غزة، في ظل العدوان المتواصل"، مؤكدةً أنَّ القصف الشديد في الساعة الأخيرة تسبب بتدمير جميع المسارات الدولية المتبقية، والتي تصل غزة بالعالم.
وعلقت حركة "حماس" على قطع الاتصالات والإنترنت عن غزة وتصعيد القصف، قائلةً إنَّ هذا الأمر يُنذر بنية الاحتلال ارتكاب مزيد من جرائم الإبادة، بعيداً عن أعين الصحافة.
مشاركة أميركية
إلى ذلك، نشرت صحيفة "ميلتاري واتش" المتخصصة بالشؤون العسكرية مقالاً كشفت فيه عن قيام قوات خاصة أميركية بتنفيذ هجمات، بالتعاون مع الجيش الصهيوني استهدفت حركة "حماس" في غزة. وكشفت الصحيفة عن وجود تقارير تفيد بأنَّ الولايات المتحدة الأميركية قد نشرت قوات عمليات خاصة لشن هجمات مشتركة مع القوات الصهيونية ضد حركة "حماس" الفلسطينية المتمركزة في غزة.
ونقلت الصحيفة تصريحات عن الكولونيل المتقاعد بالجيش الأميركي دوغلاس ماكغريغور، في حديث لأحد البرامج الأميركية بشأن الموضوع، قال فيها: "في الساعات الـ24 الماضية أو نحو ذلك، ذهبت بعض قوات العمليات الخاصة لدينا وقوات العمليات الخاصة (الإسرائيلية) إلى غزة للاستطلاع، بهدف التخطيط للمكان الذي قد يرغبون في الذهاب إليه لتحرير الرهائن وإحداث تأثير"، وتابع الضابط الأميركي: "تم إطلاق النار عليهم وتكبدوا خسائر فادحة، كما علمت".
ورغم قيام الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بتنسيق عمليات متعددة بشكل وثيق في الماضي، فإنَّ وجود مواطنين أميركيين بين الرهائن الذين احتجزتهم "حماس" في مطلع تشرين الأول يجعل نشر وحدات قتالية أميركية أمراً غير محتمل على الإطلاق، بحسب "ميلتاري وأتش".
الضفة تنتفض
في غضون ذلك، تفاعلت مدن الضفة الغربية المحتلة منذ مساء أمس الأول الجمعة، عبر مسيرات ووقفات تندد بما يشهده قطاع غزة من عدوان إسرائيلي غير مسبوق، في حين شن جيش الاحتلال حملة اعتقالات صباح أمس السبت بالضفة.
وخرجت مسيرة في مدينة رام الله تنديداً بتصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ونشرت منصات رقمية فلسطينية مشاهد من تلك التظاهرة، وأفادت تلك المنصات بتعرض بعض تلك الوقفات لما وصفته بالقمع من أجهزة السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى استدعاء أجهزة أمن السلطة آليات مصفحة لمنع المواطنين من الوصول لما يعرف بقبر يوسف، الذي يتخذه المستوطنون عادة ذريعة لاقتحام نابلس.
من جانب آخر، واصل جيش الاحتلال حملته المتصاعدة باعتقال فلسطينيين بالضفة، معلناً اعتقال أكثر من 10 ممن وصفهم بنشطاء في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هناك.
وكان جيش الاحتلال أعلن مؤخراً اعتقال 1030 فلسطينياً بالضفة منذ بداية الحرب على فصائل المقاومة في 7 تشرين الأول الجاري، بينهم 670 قال إنهم "ينتمون لحركة حماس"، كما نشرت منصات فلسطينية مشاهد "لمواصلة جيش الاحتلال هدم منزل القيادي في "حـماس" الأسير باجس النخلة، قرب مخيم الجلزون شمال رام الله.
مواقف دولية
في المواقف الدولية، قال المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي جون كيربي: إنَّ الولايات المتحدة لا تحاول فرض أي قيود على "إسرائيل" في عملياتها العسكرية وقصفها المتواصل على قطاع غزة.
وأضاف كيربي في تصريحات صحفية، أنَّ "أميركا لا تضع خطوطاً حمراء لإسرائيل"، وأنه لن يعلق على العملية البرية الصهيونية الموسعة، وجدد التأكيد على أنَّ واشنطن تدعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، بحسب زعمها.
وتأتي تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي فيما تستمر المجازر الصهيونية بحق المدنيين في غزة التي ارتفع عدد الشهداء فيها إلى 7326 شهيداً، بينهم 2913 طفلاً و1709 سيدات وفتيات، ونحو 18 ألفاً و500 مصاب، بالإضافة إلى 1650 مفقوداً، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة التي نشرت قائمة بأسماء جميع الشهداء رداً على تشكيك واشنطن في أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي.
وقال كيربي إنَّ الرئيس الأميركي جو بايدن تلقى إحاطة روتينية من كبار المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين والاستخباراتيين بشأن "آخر التطورات في (إسرائيل) وغزة"، لكنه لم يعلق على فحوى الإحاطة أو على التحركات الصهيونية الأخيرة وما إذا كانت مقدمة لغزو بري لغزة، مكتفياً بالقول: "لقد رأينا بالتأكيد (إسرائيل) تقوم بعمليات مختلفة على الأرض في اليومين الماضيين".
أما وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، فأكد أنَّ "الدعم الأميركي لإسرائيل أدّى إلى تشجيعها على تشديد الهجمات على غزة والضفة الغربية"، آملاً في حصول تغييرات في اتجاه المبادرة السياسية في المستقبل القريب.
وشدّد عبد اللهيان، على دعم أي حلول سياسية لوقف إطلاق النار في غزة، وإرسال المساعدات الإنسانية ومنع تهجير الفلسطينيين، وحذّر في السياق من أنَّ "اتساع دائرة الحرب وفتح جبهات جديدة في المنطقة وارد إذا استمرت الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".