السليمانية: كريم الأنصاري
يقدر اقتصاديون في إقليم كردستان أن تصل حاجة حكومة الإقليم إلى ما لا يقل عن 940 مليار دينار شهرياً لتمشية أمور مؤسسات حكومة الإقليم الإدارية، في المقابل لا يرى بعض الخبراء في شؤون الطاقة والاقتصاد في السليمانية أي عجز مالي، مشيرين إلى أن الخلاف السياسي هو السبب، ليعود جدل استحقاقات الإقليم إلى الواجهة عبر "مشكلة الأرقام" والبيانات وتضاربها في تقديرات الحاجة لسداد الرواتب.
الخبير المالي فاضل نبي حسن، قال إن "الموارد التي ترسلها الحكومة الاتحادية لم تأتِ بالطريقة الصحيحة، وكان يتوجب أن تصل على هيئة سلف وليس كقروض، لأن حكومة الإقليم لديها حصة في الموازنة العامة للدولة".
وبيّن حسن، في حديث لـ"الصباح"، أنه "من المؤكد أن يأتي مبلغ 700 مليار دينار إلى جانب الإيرادات غير النفطية للإقليم، فذلك قد يكفي لسد رواتب الموظفين فقط، لكنه لا يكفي لبقية الأمور"، مشيراً إلى أن "حكومة الإقليم لا تدفع الرواتب فقط، وإنما تقوم بمصروفات أخرى مثل المشاريع الاستثمارية وتنفيذها، ولذلك فإنه ينبغي على الحكومة الاتحادية إرسال مبالغ أكبر مما هي عليه الآن".
الخبير الاقتصادي عبد السلام برواري، قال: "بالنسبة للواردات والمستحقات المالية التي يطالب بها الإقليم، يمكن النظر إليها في المادة 121 من الدستور، لأن الفقرة (أ) من المادة تقول إن للإقليم الحق في ممارسة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، باستثناء ما ورد في المادة 120 من الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية".
وتابع برواري في حديثه لـ"الصباح"، أن "الفقرة ثالثاً من ذات المادة تؤمن للأقاليم والمحافظات حصّة عادلة من الإيرادات المحصلة اتحادياً، وهي تكفي للقيام بأعبائها ومسوؤلياتها مع الأخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها ونسبة السكان فيها"، لافتاً إلى أن "الفقرة خامساً من المادة 121 تؤكد أن حكومة الإقليم تختص بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم إلى آخره، بغض النظر سواء كان هناك نفط مستورد أو مُصدّر أو مُنتَج، وذات الحال ينطبق على بقية المحافظات".
وبحسب الخبراء، فإن إقليم كردستان لم يقم بأي عمليات إنتاج أو بيع لنفطه منذ آذار الماضي، بموجب اتفاقية مع الحكومة الاتحادية بأن تتولى شركة "سومو" المفاوضات لبيع النفط والحصول على وارداته لصالح الخزينة.
الخبير الاقتصادي ميرزا مصطفى، قال إن "الإقليم حالياً لا يصدر النفط ويعتمد على وارداته الداخلية فقط والضرائب، ويجب على الحكومة الاتحادية تنفيذ المادة 121 من الدستور لا أن تقوم بين حين وآخر بإرسال مبلغ على شكل قرض".
وأوضح مصطفى، في حديثه لـ"الصباح"، أن "الإقليم يحتاج شهرياً إلى 940 مليار دينار للرواتب والتقاعد ولمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وعوائل الشهداء والمؤنفلين، ويحتاج إلى ما بين 110 إلى 120 مليار دينار لإدارة شؤون الإقليم من دوائر وخدمات ضرورية، بالإضافة إلى شراء الكهرباء بـ100 مليار دينار، ما قد يصل شهرياً إلى قرابة ترليون دينار"، بحسب قوله.
في المقابل، يقول الخبير في شؤون الطاقة بهجت أحمد، إن "حصة الإقليم تكفي إذا كانت على وفق الجداول في قانون الموازنة الحالية".
وقال أحمد في حديث لـ"الصباح"، إن "توقف حصة الإقليم بسبب الخلافات الحالية والمشاكل في الأرقام في موارد وجمارك الإقليم مقارنة بأرقام الحكومة الاتحادية، ومن المؤكد أن الموارد وحصة الإقليم تكفي لجميع النفقات الاستثمارية والتشغيلية".
أما الخبير المالي محمود داغر، فاعتبر الشكاوى من قلة المخصصات بمثابة "خطاب دائم ومستمر بسبب عدم وضوح حكومة الإقليم بشأن الموازنة، ما خلق فجوة بين ما تصرح به حكومة الإقليم من الجانب المالي وما يخص الإنفاق بالموازنة، وعدم تصريح الحكومة الاتحادية بما تمتلك من أرقام".
وذكر داغر في حديثه لـ"الصباح"، أن "استمرار هذه الحالة منذ مدة طويلة يدل على أن الاتفاقات السياسية قبل تشكيل الحكومة مخالفة للاتفاق الاقتصادي والموضوعي أثناء إعداد الموازنة، وهو ما ينعكس على إرباك الموازنة والتصرف بها وجمع إيراداتها ووحدة الرقابة ووحدة الإنفاق ووحدة الإيراد باعتبارها قضية اتحادية".
تحرير: علي عبد الخالق