غزة وفرجة المجتمع الدولي

قضايا عربية ودولية 2023/10/30
...

علي حسن الفواز

وسط قصفٍ متوحشٍ لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تصوّت الجمعية العام للأمم المتحدة على مشروع القرار العربي بإيقاف إطلاق نار فوري في غزة، في الوقت الذي كانت فيه دول الغرب تدعو - عبر المشروع الكندي -  إلى تحويل هذا المشروع إلى عنصر ضغط يقوم على إذلال الشعب الفلسطيني، ورغم الإعلان عن موافقة الجمعية العامة، فإن مشروع هذا القرار يظل غير مُلزمٍ، إلّا أنه يشكّل فضحا لـ»الأقلية» الداعمة لجريمة ذلك الكيان، مثلما يمثل تعريةً لفرجة المجتمع الدولي على ما يجري في غزة.
ما بين القصف، واحتمال اجتياح غزة، وبين التصويت الدولي، تكون المواقف والسياسات أمام اختبار حقيقي لمدى قدرة «المجتمع الدولي» على إيقاف المجزرة، وعلى منع الكيان الاحتلالي من غلوّه في قتل المزيد من المدنيين، وفرض وهم «الغلبة الأمنية» على الآخرين، كفرضية تمّ خرقها لـ»الجيش الذي لا يُقهر» والذي لا يملك سوى آلة العنف المدعوم من الولايات المتحدة والغرب.
تواصل الجريمة والغارات العنيفة على قطاع غزة، يعني إعطاء الحق بشرعنة المقاومة، مثلما أن إصرار الغرب على سياسة المغالبة يعني ضرورة الدفع إلى مراجعة العلاقة معه، ومع الدول الداعمة للقتل الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي، من دون أيةِ مراعاة للشرعية الدولية، أو الشرعية الإنسانية، لاسيما ما يتعلق بقصف المؤسسات المحمية دوليا كالمستشفيات والجوامع والكنائس، وقتل الصحفيين الذين يعني قتلهم إخفاء الشهود على الجريمة،  فقد بلغ عدد الشهداء من الصحفيين في القطاع 25 شهيدا، فضلا عن فقدان بعضٍ آخر لعوائلهم، كما حدث مع الصحفي وائل الدحدوح، والصحفي علي جاد الله، والصحفي إبراهيم قنن، وهو ما يعكس مدى الوحشية والعنصرية التي يسعى من خلالها «الغلو الصهيوني» للترويج لنظرية امتلاك الأرض، وقتل الأغيار، وطرد الآخرين من أرضهم التاريخية بتأثير أسطرات تم تهريبها من التاريخ الأسود للمثيولوجيا الصهيونية.
عملية الاجتياح البري، مهما كان توصيفها، تعكس الهلع والاضطراب في السياسة «الإسرائيلية» وفي تمرير أوهامها، مثلما تكشف عن ترددها وحذرها من المعطيات التي قد تُكلّفها خسائر باهظة، وتعرّي سياساتها العنصرية التي ترتقي إلى جرائم حرب تتطلب إخضاعها إلى المحاكم الدولية.