بغداد: هدى العزاوي
منذ أن أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مطلع شهر تشرين الأول الحالي رغبة العراق بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"، والتحليلات من قبل الخبراء في الشأنين المالي والاقتصادي تؤكد أنَّ مضي العراق بإكمال الانضمام إلى "بريكس" سيُسهم في تطوير القطاعات الاقتصاديَّة للبلاد، والخروج من ضغوطات التعامل النقدي الأحادي للعراق في منطقة "الدولار".
مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، الدكتور مظهر محمد صالح، بيّن لـ"الصباح"، أنَّ "مجموعة (بريكس) تشكلت في البداية من دول ضمّت كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا".
ولفت إلى أنَّ "هناك أساساً موضوعياً لرغبة العراق في الانضمام إلى مجموعة (بريكس) تتمثل بارتباطات الاقتصاد العراقي مع بلدان المجموعة لاعتمادها على نسبة مهمة من صادرات العراق النفطية لا تقل عن 55 % ولاسيما الصين والهند، كما أنَّ قرابة 70 % من استيرادات العراق تتم مع دول (بريكس) أو الساعين للانضمام إليها، وهذا يعني أنَّ الشراكة التجارية ومصالح العراق الاقتصادية القوية تدفع تلقائياً نحو التعاون الاقتصادي الدولي مع شركائنا التجاريين، ولاسيما في قضية التطلع نحو مجالات أوسع في تدفق استثمارات المجموعة إلى بلادنا في إطار الحصول على مزايا الانضمام بما يخدم مستقبل التنمية المستدامة وتقدم الاقتصاد في بلادنا".
وأضاف صالح أنه "على وفق معيار تعادل القوة الشرائية؛ فالبرازيل وروسيا والهند والصين تعد ضمن أكبر عشر دول في العالم من ناحية عدد السكان والمساحة والناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفق معيار تعادل القوة الشرائية، والبلدان الثلاثة الأخيرة (الهند والصين وروسيا) تعد من القوى العظمى والناشئة المحتملة، في حين أنَّ جميع الدول الخمس في مجموعة "بريكس" هي أعضاء أيضاً في مجموعة العشرين (التي تضم الولايات المتحدة الأميركية وبقية مجموعة السبع الكبار)".
وذهبت بعض التحليلات الاقتصادية الدولية إلى أنَّ انضمام العراق إلى تحالف "بريكس" واستخدام نظام تعامله المالي بدلاً من نظام "سويفت" الحالي ستكون له تأثيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي. وذكرت مجلة "ووتشر غورو" المتخصصة بالشؤون الاقتصادية أنَّ "تبعات قرار بغداد المنتظر سيدفع بالدولار الأميركي إلى شفير الهاوية، مؤكدة أنه "في حال انضمام العراق لبريكس فإنَّ الدولار الأميركي سيتعرض للضربة الأكبر في تاريخه"، بحسب وصفها.
إلى ذلك، أشار المحلل في الشأن الاقتصادي جليل اللامي، في حديث لـ"الصباح"، إلى أنَّ "العراق أعلن في أكثر من مناسبة استعداده للانضمام إلى مجموعة (بريكس)، خاصة أنَّ الاقتصاد العراقي يمتاز في أغلب مؤشراته بتنوع الموارد الطبيعية والبشرية والرأسمالية، إلا أنه يعاني سيطرة القطاع النفطي على الناتج المحلي الإجمالي".
وبيّن أنَّ "السياسات الاقتصادية التي يعتمدها العراق تمثل سبباً في عدم تحقيق النمو الاقتصادي بسبب تركيزها على القطاع العام باعتباره الدافع الرئيس للنمو الاقتصادي، بينما القطاع الخاص لم تتح له الفرص لتنفيذ الاستثمارات الضخمة". وأوضح أنَّ "هناك تشابهاً كبيراً بين إمكانيات وقدرات العراق الاقتصادية مع ما تمتلكه بلدان مجموعة دول (بريكس)، ومن ثم يسهل على العراق تحقيق معدلات نمو اقتصادية عالية كالتي حققتها تلك الدول بسبب اعتمادها على أكثر من مورد".
وأضاف أنَّ على "أصحاب القرار في العراق التفكير جدياً بدراسة إمكانية انضمام العراق إلى دول (بريكس) للاستفادة من مزايا هذا الانضمام في تطوير القطاعات الاقتصادية في العراق، بسبب وجود تشابه واسع في إمكانيات العراق- ولاسيما المعطلة- ومستوى التقدم الاقتصادي وطبيعة الأوضاع لعدد من أعضاء دول (بريكس) إن لم يكن العراق أفضل منها في حالة تنشيط الأنشطة الاقتصادية واستغلال مواردها استغلالاً أمثل".
تحرير: محمد الأنصاري