بانكسي يتضامن مع فلسطين
ترجمة وإعداد: نجاح الجبيلي
بانكسي هو فنان غرافيتي مقيم في إنجلترا، وناشط سياسي ومخرج سينمائي، وما زال اسمه الحقيقي وهويته غير مؤكدة وموضوع تكهنات. نشط منذ التسعينيات، إذ جمع بين فن الشارع الساخر والعبارات المقتبسة اللاذعة، وبين الفكاهة السوداء والكتابات على الجدران المنفذة بتقنية الاستنسل المميزة. ظهرت أعماله ذات التعليقات السياسيَّة والاجتماعيّة على الشوارع والجدران والجسور في جميع أنحاء العالم.
يعرض بانكسي أعماله الفنية على الأسطح المرئية العامة مثل الجدران والقطع المادية المبنية ذاتيًا. لم يعد بانكسي يبيع صورًا أو نسخًا من كتاباته على الجدران في الشوارع، ولكن يتم إعادة بيع " أعماله الفنية بانتظام، حتى عن طريق إزالة الجدار الذي تم رسمها عليه في كثير من الأحيان. يمكن تصنيف الكثير من أعماله على أنها فن مرحلي.
وعلى نطاق السينما ظهر فيلم بانكسي الوثائقي "الخروج من متجر الهدايا" (2010) لأول مرة في مهرجان صندانس السينمائي 2010. وفي كانون الثاني 2011، تم ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي.
قام بانكسي بإنتاج عدد من الأعمال والمشاريع لدعم الفلسطينيين منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك فندق" The Walled Off Hotel "في بيت لحم. في يوليو 2020، باع بانكسي ثلاث لوحات تشكل لوحة ثلاثية بعنوان منظر البحر الأبيض المتوسط 2017، والتي جمعت 2.2 مليون جنيه إسترليني لمستشفى بجوار الجدار العازل الإسرائيلي في بيت لحم. تم إنشاء اللوحات الأصلية لصالح الفندق، وهي لوحات تعود إلى العصر الرومانسي لشاطئ البحر وتم تعديلها بصور عوامات النجاة وسترات الإنقاذ البرتقالية التي جرفتها المياه على الشاطئ، في إشارة إلى أزمة المهاجرين إلى أوروبا.
عمل الفنان البريطاني على نطاق واسع في فلسطين. منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم رصد قطع من أعماله في المنطقة، بما في ذلك جدار الضفة الغربية، وهو الجدار الذي يبلغ طوله أكثر من 700 كيلومتر والذي يفصل فلسطين عن إسرائيل.. ونستعرض بعض تصريحاته عن غزة،
وأعمـاله الفنيـة فـي فلـسطين.
ماذا قال بانكسي عن غزة؟
ربما يكون أحد أقوى تصريحات بانكسي بشأن غزة هو الفيديو الذي نشره عام 2015، والذي تم عرضه بسخرية على أنه مبادرة سياحية، ويدعو الناس لزيارة غزة. وجاء في التعليق: "أجعل هذا العام هو العام الذي تكتشف فيه وجهة جديدة.. مرحبا بكم في غزة".
توثق لقطات الفيلم القصير المباني المدمرة في غزة، مع الإشارة في النص إلى أنّ "السكان المحليين يحبون ذلك كثيرًا لدرجة أنهم لا يغادرون أبدًا"، مضيفًا "لأنّه غير مسموح لهم بذلك". وبينما يقتصر المشهد على الجيش الإسرائيلي، يشارك بانكسي حقائق حول الاحتلال - بدءًا من "الإطار الحصري"، "المحاط بجدار من ثلاث جهات وخط من الزوارق المسلحة من الجانب الآخر"، إلى كيفية مراقبته.
ويخبر مشاهديه كيف أن عملية "الجرف الصامد" (عملية عسكرية نفذتها إسرائيل في عام 2014)"دمرت 18 ألف منزل"، ويشير أيضًا إلى "شبكة الأنفاق غير القانونية" التي كانت مثار جدل الآن. يعلّق رجل فلسطيني على إحدى لوحات بانكسي التي تصور قطة ترتدي طوقاً ورديًا: "هذه القطة تخبر العالم أجمع أنها تفتقد الفرح في حياتها. وجدت القطة شيئًا تلعب به. ماذا عن أطفالنا؟".
وينتهي بمقولة مكتوبة على الحائط: "إذا غسلنا أيدينا من الصراع بين الأقوياء والضعفاء فإننا نقف إلى جانب الأقوياء، ولن نبقى على الحياد".
في مارس 2017، انتقل بانكسي إلى إنستغرام للإعلان عن مشروعه، فندق Walled Off، الذي يقع بجوار جدار الضفة الغربية، "على بعد 500 متر من نقطة التفتيش إلى القدس وعلى بعد ميل من وسط بيت لحم". ويضم "غرفًا ذات مناظر خلابة" تشمل جناحًا رئاسيًا، وغرف ضيوف "مخصصة" رسمها فنانون مثل بانكسي، وسامي موسى، ودومينيك بيترين، وأماكن إقامة اقتصادية "مجهزة بمواد فائضة من الثكنات العسكرية الإسرائيلية".
في حين يقدم المعرض في المبنى أعمال الفنانين الفلسطينيين، يضم المتحف عروضًا سمعية ومرئية تتضمن تاريخًا متحركًا للمنطقة، والمواد العسكرية ومقتطفات من الفيلم الوثائقي المرشح لجائزة الأوسكار 5 كاميرات مكسورة، إلى جانب إحدى تلك الكاميرات المعروضة. وفي الوقت نفسه، يقدم متجر الهدايا بضائع لبانكسي.
حصلَ الفندق على تصنيف خمس نجوم على موقع TripAdvisor، ومن بين أبرز معالم الفندق أعمال بانكسي التي تشمل ريشًا مرسومًا على الحائط يصور معركة الوسائد بين جندي إسرائيلي وشاب فلسطيني، وقرد يرتدي زي حمال، وفهد مرسوم في جناح رئاسي.
إحدى اللوحات الثلاثية للفنان التي تم تركيبها في الفندق، وهي لوحة البحر الأبيض المتوسط، تم بيعها في مزاد سوثبي لعام 2020 مقابل 2.23 مليون جنيه إسترليني، وجرى التبرع بالعائدات لمنظمة بيت لحم غير الحكومية.
لكن في منشور بتاريخ 12 أكتوبر 2023، يأسف الموقع الإلكتروني للفندق لإغلاقه في الوقت الحالي بسبب التطورات الكبرى في المنطقة.
واحدة من أقدم رسومات بانكسي على الجدران كانت الجدارية عام 2003 في القدس، الحب في الهواء، والمعروفة أيضًا باسم قاذف الزهور. جرى رسم هذا العمل بعد وقت قصير من بناء جدار الضفة الغربية، وهو يظهر شابا يميل إلى الخلف وذراعه ممدودة إلى الخارج، ليرمي شيئا بقوة، بدلا من قنبلة أو قنبلة يدوية، فهو عبارة عن باقة من الزهور، تمثل السلام والجمال.
إذا كان في العمل الجداري "الحمامة المدرعة" رؤية حمامة ترتدي سترة مضادة للرصاص في بيت لحم، فإن عملاً آخر يظهر فتاة صغيرة ترتدي ثوباً وردياً، يُعتقد أنها فلسطينية، تقوم بتفتيش جندي إسرائيلي. يطلب جندي إسرائيلي من حمار الحصول على بطاقة هويته في رسم على جدار مطلي بالرش، ولوحة جدارية أخرى في بيت حانون تحمل شخصية مرسومة على باب دمره الجيش الإسرائيلي، ترتدي غطاء الرأس، ويمكن القول إن هذه القطعة مستوحاة من شخصية أسطورية يونانية تدعى نيوبي، التي تحولت إلى حجرٍ باكٍ بعد حدادها على وفاة أطفالها. وفي الوقت نفسه، من أكثر مشاريعه التي جرى الحديث عنها هي مجموعة الجداريات الكبيرة التي تم رسمها على جدار الفصل العنصري في عام 2005. في أحد الأعمال، يلعب صبيان بالدلاء والمجارف، ويصنعان قلاعًا رملية على الشاطئ مرسومة على لوحة، قسم منها مكسور ظاهريًا على الحائط. وفي جزء آخر من الجدار، يرسم بانكسي نسخة مختلفة من لوحته الشهيرة "الفتاة ذات البالون" باستخدام بالونات الهيليوم. هناك عمل آخر له هو سلم
للعبور.
وقد نقل تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت عام 2015 عن الفنان قوله: "غالبًا ما توصف غزة بأنها أكبر سجن مفتوح في العالم"، لأنه لا يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج. لكن هذا يبدو غير عادل إلى حد ما بالنسبة للسجون، إذ لا يتم قطع الكهرباء ومياه الشرب بشكل عشوائي كل يوم
تقريباً.
ومن الجدير بالذكر أن لوحة جدارية جديدة لبانكسي تحمل عبارة "عالم آخر ممكن" ظهرت في لندن بالقرب من محطة مترو أنفاق إدجوير رود. وعلى الرغم من أن الفنان المجهول لم يزعم ملكيته للعمل الجديد المطلي بالرش، والذي يصور أذرعًا آلية يتم سحبها بواسطة ثلاثة أفراد، إلا أن الزوار يتوافدون
عليها. ويرى البعض أن الكلمات بمثابة تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي، بينما يرى البعض الآخر أنها إشارة إلى النظام العالمي الجديد، في ظل التصعيد المستمر للصراع الجاري الآن في
غزة.