أ. د. نجاح هادي كبة
هو آخر ديوان صدر للشاعر حسب الشيخ جعفر، وكان إصداره ثمرة للتعاون بين دار الشؤون الثقافيَّة العامة ببغداد ومؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافيَّة بتأريخ 26 / 5 / 2022 في الإمارات العربية المتحدة، بوصف حسب أحد الشعراء الذين حصلوا على جائزة العويس في حقل الشعر ضمن سلسلة ((الفائزون)) التي تصدرها المؤسسة، يقع ديوان آخر الطريق في (163) صفحة من القطع المتوسط ويحوي على (79) قصيدة قصيرة صيغت بأسلوب
درامي.
فقصائد الديوان عبارة عن أقصوصات اذ يتمثل فيها التمهيد ثم الحوار فالحبكة الدراميّة ثم ذروة تعقد الحدث فالنهاية التي تكون احياناً على شكل ضربة مفاجئة أو متسقة مع السياق العام للقصيدة فتتشكل القصيدة بوحدة عضويّة متماسكة وبتكثيف غير مخل وبانزياح بلغة مأنوسة يعكس فيها حسب سيرة حياته من يوميات واعترافات ومذكرات باسلوب شاعري مبدع وهو في بلاد الغربة (روسيا) أو يستبطن خزين ذكرياته من الطفولة في مسقط رأسه العمارة، معبراً عما يشعر به من غربة وعلاقاته مع المبدعين والاصدقاء إذ يظهر الوفاء لهم أو رأيه اتجاه المرأة وتعلقه بالحرية والسلام، إلا أنّ الملفت في ديوان آخر الطريق هو تعلق الشاعر بالمكان و الزمان في علاقاته مع الآخر، ولاسيما مع أصدقائه المبدعين وحتى مع أمه وأبيه وانثيال ذكرياته اثرت في وجدان الشاعر سواء أكان ذلك في بلده (العراق) أو في (روسيا) التي قضى فيها شطراً طويلاً من حياته، ولابد من الاشارة إلى أنّ ديوان آخر الطريق مجموعة قصائد تركها الشاعر من دون عنوان فأطلقت عليها دار الشؤون العامة ببغداد عنوان ((آخر الطريق)) وهو عنوان إحدى قصائده وتماشياً مع سياق حدث وفاة الشاعر وديوان آخر الطريق جاء بعد صمت الشاعر عن قول الشعر ولربما أراد من خلاله أن يسجل سيرته بأسلوب شاعري مبدع قبل رحيله إلى العالم الآخر، قال في قصيدة أبي :
مات أبي/ فانتحبي/ أيتها النخيل والرياح/ وابكي كما تبكي السما/ أيتها الجروف في المساء/ كان لنا في الصيف ظلاً وندى/ وفي الشتا/ دفئاً أنيساً مؤنساً/ كانت له من مكة المكرمة/ عباءةً ومن تراب كربلاء/ مسبحة، حجر/ نشم في عبيره/ شذى الإمام الطاهر الحسين/ ونرتدي اجنحة بيضاء كالملائكة/ تعلو بها، تطير/ لكننا، ونحن في السما/ نَحُسُّ بالظما/ كما أحَسَّ الطاهر الحسين/
ص، 15.
ولابد من الإشارة ايضاً إلى أنّ غزله بالمرأة غزل معنوي غير مادي بوصفه علاقة إنسانية بينه وبين المرأة قال، في قصيدة سفيتلانا :
ما كنت لي إلا اقمراراً/ أو شعلة بيضاء توقد لي مناراً/ أمثولة/ يجثو لها الروس ازدياراً/ فاذا مددت يدي إليك توقفت عنك انبهاراً/ اما (اسمك) الالق الجميل/ فهو الضياء المستحيل/ ص، 83.
لقد استرجع حسب في قصائده هذه انفعالاته وعواطفه وافكاره لتتسق مع انفعالات وعواطف وأفكار الآخر من المبدعين أو الاصدقاء بأسلوب واقعي يتعلق مع المتخيل بضمير (انا) الشاعر أو هو أو هم للآخر على الرغم من أن قصيدة السيرة الذاتية تركز على أنا السارد.