الأغنية الثوريَّة

ثقافة 2023/11/01
...

سامر المشعل 



الموسيقار والمغني التشيلي الثائر فكتور جارا يؤمن بأن الاغنية ليس الغرض منها التسلية والترفيه، عندما يكون الوطن مسلوبًا ومسيجًا بالخوف من قبل الطغاة والفاشيست، إنما بهذه الحالة تكون الأغنية أداة ثورية فعالة لمحاربتهم وبث الحماس في نفوس الجماهير وايقاد شعلة الثورة.

وبالفعل تطابقت أقوال الموسيقار فكتور جارا مع افعاله، فقد كان يتقدم صفوف المتظاهرين، وهو يحمل غيتاره ويغني، حتى تم اغتياله من قبل جنود الفاشيست بينوشيه وهو يردد:

عندكم دبابة 

تقتل طفلا 

تقتل ورداً

لكن إلى الآن لم تستطيعوا أن تصنعوا دبابة تقتل أغنية.

ليصبح فكتور جارا رمزا للنضال والحرية في تشيلي والعالم بأسره، وتم تغيير اسم الملعب الذي احتجز فيه وعذب ثم قتل، من ملعب تشيلي إلى "ملعب فكتور جارا". 

وبما أننا نعيش هذه الأيام حربا وحشية دموية بين شعب غزة المحاصر والممنوع من كل مقومات الحياة من الماء والدواء والغذاء.. من قبل المحتل الاسرائيلي. فلا بدَّ من تسليط الضوء على الأغنية الثورية، التي كانت في زمن أم كلثوم وعبد الوهاب.. تؤدي خطابها الثوري وتشعل الشارع العربي بالحماس والتضامن مع الشعب الفلسطيني، فكانت أم كلثوم تصدح بأغنية "أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم"، وعبد الحليم حافظ يغني "على أرضها طبع المسيح قدم"، وفيروز تتلو بصوت ملتاع "سنرجع يوماً"، و"القدس العتيقة"، و" زهرة المدائن".. فيروز التي كانت مخلصة للقضية الفلسطينية ومؤمنة بحقهم في العيش بأرضهم بعز وكرامة وسلام.. وكانت الصوت الأبرز في الدفاع عن حقهم المغتصب. ومن المؤسف له بعد دخول غزة حربها مع إسرائيل الاسبوع الرابع، لم نسمع أغاني ثورية تهز الشارع العربي، وتوقد جذوة المشاعر القومية بمستوى الحدث من قبل المغنين الحاليين، مثلما كان يفعل فنانو ايام زمان، على الرغم من تخمة الساحة العربية بالمغنين!. ويبدو أن الشاعر السوري نزار قباني حدس تضاؤل الشعور العربي وخذلان الحكام العرب لفلسطين، فأنشد هذه الابيات معاتبًا فيروز:

عفواً فيروز ومعذرة 

أجراس العودة لن تقرع 

جازوقا دق باسفلنا 

من شرم الشيخ إلى سعسع

نأمل في ايام المقبلة أن نسمع أغاني تضمّد الجرح الفلسطيني، وتجسد الغضب الشعبي تجاه هذه المعركة بما فيها من مآسٍ وشجاعة نادرة.