زيد الحلي
في 18 من الشهر المنصرم، نشرتُ تغريده عن غزة، قلت فيها : (أنا خجل من أبنائي وأحفادي ومن كتاباتي عن فلسطين.. كنتُ أعيش وهمًا غذاءنا به الحكام.. عذرا.. عذرا) فانهالت عليّ رسائل العتب واللوم من قرّاء أعرفهم ولا أعرفهم، مؤكدين فيها أن قادم الأيام، سيشهد تغييرًا في مواقف الدول، حيث تتحول الى جانب الحق الفلسطيني، وأن ما تشهده غزة حاليا، هو مجرد شرارة، لانفجار عربي واسلامي يعيد المسار إلى واقعه.
ومرت الأيام والأسابيع، وما زالت أمنيات من راسلني، قابعة في الصدور، وها هي غزة وبقية الاراضي الفلسطينية، تتلقى أطنانًا من القنابل والمتفجرات الفتاكة في عدوان تحت أنظار العالم، دون رادع.
لقد تربينا على محبة فلسطين، وصورتها استمرت تتمايل في أحلامنا، وطيفها لا يفرقنا، نتغزل بها حين يأتي ذكرها في أغنياتنا وأناشيدنا وحواراتنا، إنها من بواكير يفاعتنا الغضة، وشبابنا الزاخر بالأماني، ووجداننا النابع بالأحاسيس والنبل، لكن حين يشتد العدوان عليها، أرضا وشعبا، استحلنا صخرة باردة، وعودا مقطع الأوتار، حتى بات الفضول يدفعني إلى معرفة سر هذا الموقف المخجل، تجاه العدوان المستمر على غزة، فلم اقتنع بالمبررات .
غزة أيّتها الراقدة تحت قنابل العدو، صوتك المبحوح اسمعه في أذني التعبى، ولفحة من لهائك المحموم على وجهي، وقبسا من نورك في عيني ..أعرفُ أن السماء تمطر رصاصا عليك، والصواريخ تنهمر بحقد، فما اشقى المتألمين، من جحيم العدو في الليالي الصعبة، وسط صمت دولي مريب.. قلوبنا معك.. مع اعترافي أن قلوبنا، هي والخواء سواسية.. متناسين أن الندم هو الإبصار الذي يأتي متأخراً.. ولا أظنه سيأتي، فسلام لأرض خلقت للسلام، وما رأت يوما سلاما... فلسطين.. قلبي بالدعاء يرعاكِ.
وأنا اكتب من قلب واجف، استذكرت مقاطع من قصيدة ابن فلسطين محمود درويش، حيث قال :
عيونك شوكة في القلب
توجعني وأعبدها
وأحميها من الريح
وأغمدها وراء الليل والأوجاع أغمدها
فيشعل جرحها ضوء المصابيح
ويجعل حاضري غدها
أعزّ عليّ من روحي.