القانون المعذَّب

العراق 2023/11/01
...

أحمد عبد الحسين


قانون النفط والغاز لم يزل منذ 19 عاماً على رفّ الانتظار، وكلما تذكره المعنيون اختلفوا، وكلما اختلفوا أعيد الكلام ذاته عن ضرورته وأهميته ثم عن التفاؤل بقرب إقراره، ثم في آخر الأمر يتفق الجميع على إعادة الملفّ إلى الرفّ تجنباً للمشكلات وترحيلاً لها إلى ظرف مناسب لن يأتي.

الملفّ خلافيّ وشائك، ولهذا فهو قابل للاستثمار ككل خلاف، خصوصاً في المواسم التي تسبق الانتخابات، ففيه طاقة على رفع مناسيب التصعيد، والتلويح به يعيد الاهتمام بالسياسة إلى الجمهور الذي بلغ به اليأس إلى أقصاه من وجود حديث سياسيّ يستحقّ أن يصرف عليه وقت وجهد وأعصاب.

في تصريح للصباح قال عضو لجنة النفط والغاز في مجلس النوّاب إن "هذا الملف ذو جنبات سياسية وقانونية وفنية وهو يحتاج إلى عمل كبير". وشخصياً لا أعرف ولم اقرأ يوماً عن قانون في العالم كله استغرق العمل عليه 19 سنة ليصل المعنيون والمختصون إلى هذه النتيجة المفاجئة التي تتلخص بأن القانون يحتاج إلى عمل كبير.

ماذا كنّا نعمل إذن طوال 19 سنة ماضية في التعاطي مع قانون يتعلّق بالمورد الوحيد الذي يتقوّم به الاقتصاد العراقي؟

كنّا نلتقط الخلاف حوله ونصرفه في المداولات الإعلامية والمناكفات الفضائية التي تخدم الحراك السابق للانتخابات، ثمّ حين تجرى الانتخابات نعمد إلى تمشية الأمور كيفما اتفق وإرجاء القانون لحكومة أخرى ومجلس آخر يتورطان به، ما دامت حصص الأطراف كلها مضمونة في غياب قانون هو أهمّ القوانين وأكثرها تعلقاً بحياة الناس وأقدرها على تغيير مستقبلهم للأفضل.

جميع الخلافات التي بين الكتل السياسية الممثلة للـ"مكوّنات" يلخصها الخلاف على هذا القانون، وقد كثر الحديث عنه في الفترة الأخيرة وكثر معه الكلام عن التفاؤل بقرب الوصول إلى توافقات تتضمن تنازلات شجاعة وجريئة، لكنّنا سمعنا حديثاً كهذا مراراً وتكراراً، ودائماً قبل موعد الانتخابات بخمس دقائق، تلك الدقائق المليئة بالاستعراض والشدّ والجذب بما يكفي لإيقاظ حماسة جمهور فقد حماسته.