إلى اليسار دُرْ

العراق 2023/11/05
...

أحمد عبد الحسين

هذا موسم اليسار العالميّ. جرائم الكيان المحتلّ في غزة فرصة اليسار الذي غاب مطوّلاً للنهوض من جديد. ففي الأزمات الكبرى تدار الوجوه يساراً حيث ترسانة الإرث الكبير من إبراز المواقف العادلة وتنميتها وتحويلها إلى حراك فاعل.
ومما أقرأ وأرى فإنّ الاحتجاجات في مدن العالم يهيمن عليها اليسار الذي بدا يفرك عينيه بعد سبات، وهو مزيج من شيوعية صافية أو تيارات انبثقت من الشيوعية أو حركات اجتماعية ورثتْ قضايا الشيوعيين وإنْ لم تَرثْ إيديولوجيتهم.
على الصعيد الرسميّ، فإنّ الدول التي قاطعت المحتل الصهيونيّ دبلوماسياً هي دول اليسار في أميركا اللاتينية. وشعبياً كل التظاهرات الكبرى في أوروبا قادها يساريون. أما الدول العظمى التي يعوّل عليها في الدفع أممياً باتجاه عدالة عالمية في الأمم المتحدة، هي وارثة القطب الثاني من العالم السابق "روسيا والصين وكوريا الشمالية".
أكتب هذا العمود في الوقت الذي ينقل لي صديق الآن بثاً مباشراً من لندن لتظاهرات حاشدة ضدّ جرائم الكيان المحتلّ في غزة. ألاحظ أن الشعارات باتت أكثر حدّة ووضوحاً وألمح فيها اليسار الأوروبيّ يفصخ عن نفسه بشكل لا لبس فيه.
يعرف اليساريون أن هذه جبهتهم، فهم بارعون في صياغة مواقف مؤثرة وقيادة محتجين في كل العالم.  
بقي هناك اليسار "الصبيانيّ" الذي ينشغل بالهوية الدينية للمقاومين ويتلهى بها عن الصورة الكلية الشاملة. وهو يلتقي مع الليبرالي بنفس القدر من لقائه مع الشيعيّ الطائفيّ فكلاهما يأتيان بعد المذبحة للتنكيل بجثة القتيل وتشويهها انتقاماً من هويته الدينية أو الطائفية. هذا يرفض المقاوم لأنه إسلاميّ، وذاك يرفضها لأنها ليست من طائفته. لكنّ هؤلاء قلّة ولا أهمية لهم.
احتجاجات العالم ضد المحتلّ ليست هيّنة. إنها تغيّر صورته التي صُرف عليها المليارات أدباً وفناً حديثاً وسينما أوسكارية ومؤسسات إعلامية عملاقة. وكلّ هذه الاحتجاجات جوهرها يساريّ.
من يتابع يعرف ذلك.