العدوان وفقدان الثقة بالمستقبل

قضايا عربية ودولية 2023/11/07
...

علي حسن الفواز

من الصعب جداً التغافل عن الدعم الغربي للكيان الإسرائيلي، رسمياً وإعلامياً، وفي كلّ ما يدخل في سياق استمرار ارتكاب المجازر في قطاع غزة، وبقطع النظر عن المواقف الشعبية التي بدأت فواعلها تظهر في دول العالم المتعددة، إلّا أنَّ الضغط السياسي الذي تمارسه الولايات المتحدة ودول الغرب يكشف عن وجود خطط رعب تهدف لتأليب الرأي العام، وتعويم ذاكراته، وصولاً إلى تغييب حقائق القضية الفلسطينية، ولفرض "واقع الحال العسكري" على إجراءات معالجة ماهو حقوقي وتاريخي وإنساني للشعب الفلسطيني، وهذا ما يعني "القفز على الحقائق" والترويج للأوهام وللنفاق السياسي لكي يكون بديلاً وضاغطاً، وعبر ترويج توصيفات " إيهامية" عن الحق الفلسطيني، وحتى عن اعتماد الحلول الواقعية التي ينبغي اعتمادها في التعاطي مع قضية حقوق مغتصبة منذ أكثر من 75 سنة.
إنَّ اعتماد سياسة التصفية والعزل، وصولاً إلى التهديد بالتهجير، يعكس المدى الذي بلغته تلك السياسات الغربية، ومدى التعمّد في تكريس الممارسة العنصرية إزاء الشعوب الأخرى، واستخدام الوسائل والقطاعات التي تحتكرها المؤسسات الغربية، بما فيها مؤسسات الإعلام والتسليح والتضليل لإيجاد صور ذهنية تترسخ من خلالها أهداف الدعاية وحروب السيطرة والتضليل، للتغطية والتواطؤ على مايجري في غزة من جرائم ضد الإنسانية.
التغطية التي تقوم بها وسائل الإعلام الغربية تتغافل عن ما يجري، وحتى عن نقل التظاهرات الكبرى التي بدأت تجتاح العالم، وحتى مواقف بعض الدول الرافضة للعدوان الصهيوني، لاسيما ما قامت به عدد من الدول في أميركا اللاتينية، التي بادرت إلى التنديد بالمجازر، وإلى استدعاء سفرائها في الكيان الصهيوني وطرد سفرائه من بلدانهم، وهي في جوهرها مواقف فاعلة، لأنها تكشف عن تحوّل خطير في السياسات الدولية، وفي رفض سياسة التعويم التي تمارسها الولايات المتحدة في العالم، وربما هي مقدمة لصياغة تحالفات سياسية جديدة، تتعاطف مع حركات المقاومة، والاتجاهات الراديكالية اليسارية التي خمدت فواعلها بعد "سقوط الاتحاد السوفيتي السابق" وهو ما سيجعل الولايات المتحدة وحلفاءها أكثر قلقاً ليس من نشوء حرب باردة جديدة، بل إلى خسارتها الكثير من حلفائها التقليديين الذين يواجهون تداعيات اقتصادية وسياسية صعبة معقدة، بدأت بعض مظاهرها في القارة الأفريقية، وفي أميركا الجنوبية، وربما ستشهد مناطق أخرى في آسيا سياسات وتحالفات تهدد المركزية الأميركية- الغربية في العالم.