العراق جزء من الحلّ

العراق 2023/11/07
...

أحمد عبد الحسين

الجولة الإقليمية التي ابتدأها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمس من طهران، هي جولة طوارئ. لأنّ النار التي تشعلها الأحقاد التلمودية في غزة تنذر بالتوسّع يميناً وشمالاً، وكلما أخفق الصهاينة في تحقيق أهدافهم أمام بسالة وصبر الفلسطينيّ سنرى محاولات مستميتة من قبلهم لإشراك أطراف أخرى في الصراع، وتعضدهم في مسعاهم الخبيث هذا بوارج أميركية تجوب المياه القريبة وحاملات طائرات ومؤخراً غواصات نووية.
هناك نار يجب أن تطفأ سريعاً، النار التي التهمت إلى هذه اللحظة عشرة آلاف فلسطيني مدنيّ، نصفهم من الأطفال، تأتي المواقف العراقية المتلاحقة، ابتداء من المشاركة الفاعلة في مؤتمر القاهرة وكلمة رئيس الوزراء فيه التي اختصرت رؤية العراق التاريخية للقضية الفلسطينية، مروراً بالاتصالات الهاتفية مع زعماء الدول وآخرها الاتصال مع المستشار الألماني، ثم زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى بغداد، وختامها هذه الجولة التي قام بها السودانيّ وكانت أولى محطاتها طهران.
لا يحتاج العراق إلى تكرار مواقفه من فلسطين في خطاب أو بيان، لأنّ العراق الذي لم تستخفّه صفقات القرن ولا حفلات التطبيع، يقف في طليعة الدول العربية القليلة التي ليس في عنقها بيعة لأحد، وهو لا يحتاج إلى شهادات لإثبات نصاعة موقفه. لكنّ هذا الحراك الدائب دليل مضاعف على أهمية العراق بوصفه دولة محورية في منطقته ـ كما عبّر المرشد الإيراني أمس في لقائه بالسوداني ـ، ودليل على إيفاء العراق بوعوده في المواعيد الإنسانية والأخلاقية الكبرى.
قيل في المقررات الأصولية إن "دفع المضارّ مقدّم على جلب المنافع"، وهي قاعدة صالحة في كل آنٍ، ولهذا فإنّ إيقاف العدوان الصهيونيّ اليوم ضرورة قصوى تستحقّ أن تبذل من أجلها الجهود، للحفاظ على أرواح أشقائنا الفلسطينيين ولإفشال المشروع الصهيوني المتمثل بإفراغ غزة من أهلها وتهجيرهم والقضاء على القضية الفلسطينية برمتها.
زيارة السوداني لطهران أمس بعد ساعات من لقائه بلينكن واعتزامه زيارة عواصم عربية في الأيام المقبلة، أمر من شأنه ترسيخ صورة العراق بوصفه جسراً يصل بين الضفاف المتنافرة مع الحفاظ على مواقفه التاريخية التي ليس بمقدور أحد التشكيك بها أو مزايدته عليها.
نحن في الزمن الذي أصبح فيه العراق جزءاً من الحلّ لا سبباً للمعضلات.