قانون المرور يثير المخاوف من ازدواجية ومزاجية التطبيق

الثانية والثالثة 2019/05/12
...

بغداد / هدى العزاوي 
 
لا شك أن القوانين وتطبيقها هي معيار ثقافة وتطور أي مجتمع متحضر شريطة أن تطبق على الكل من دون استثناء؛ وإلا فقد القانون روحه وأصبح أداة للابتزاز ووسيلة للانتقام أحياناً، قانون المرور الجديد الذي صوت عليه مجلس النواب مؤخراً حمل جملة من الايجابيات ولكنه لم يخل من السلبيات التي اتضحت معالمها نتيجة انعدام البنى التحتية لتطبيقه على أرض الواقع.
في جوانبه الايجابية نجد أن القانون  بشكله الجديد وضع عقوبات صارمة بحق المخالفين بحسب المخالفة ونوعها وهذا يحسب للمشرع الذي يحاول تنظيم حركة السير واحترام قانون المرور 86 الذي تمت إعادة صياغ فقراته المعمول بها سابقاً بما يتناسب مع المستوى المعيشي للفرد ورفع الغرامات التي أقل ما يقال عنها أنها كانت قليلة جداً، ما عدا أعلى غرامة في عام 2004 (30) الف دينار و(20) الف دينار في الاماكن الممنوعة فيها الوقوف، حتى أصبح السائق المخالف لا يكترث بالغرامات، وهذا ما أكده لـ"الصباح" مدير قسم الاعلام والعلاقات العامة العميد الدكتور مؤيد خليل سلمان، مبيناً ان "كل الأسباب التي ذكرت سابقاً دفعتنا الى إعادة هيكلة قانون المرور وزيادة مبالغ الغرامات أسوة بالاجراءات الرادعة التي تتخذها الدول المجاورة بحق المخالفين والتي تصل الى 200 أو 300 دولار".
وأما في ما يخص البنى التحتية والفوقية التي من خلالها سيتم تطبيق القانون، أوضح سلمان، أن "كل ما يتعلق بتأسيس الطرق الخاصة بالاشارات الضوئية من خطوط العبور وعلامات الارصفة والعلامات المانعة من صلاحيات أمانة بغداد (بما يخص العاصمة)، وطالبنا الأمانة بإعادة العمل بالإشارات الضوئية لأنها خدمة للمرور العامة، ففي كل قطاع نحتاج الى ما لا يقل عن أربعة رجال مرور يوزعون بين الشفتين الصباحي والمسائي، لذا في حالة عمل الاشارات إضافة الى كاميرات المراقبة؛ سنستغني عن عمل رجل المرور في تلك المناطق والاستفادة منه في الاماكن الاخرى التي تشهد زحاما نتيجة وقوف السيارات بشكل غير منتظم منها (الشورجة والعلاوي وجميلة والاماكن القريبة من المولات)، وبالتالي يمكن نشر منتسبي المرور على طول الشارع لتنظيم حركة السير في تلك المناطق التي تشهد ازدحامات وبشكل يومي".
 
لجان مشتركة
من جانبه، أكد مدير عام العلاقات والاعلام في أمانة بغداد عبد المنعم العيساوي، أن "قانون المرور يضم فقرات تدخل في صلب اهتمام الأمانة، منها التأكيد على عدم تجاوز الارتفاع المقرر للحمولة وإلزام السائقين بتغطية الحمولة لمركبة الحمل وعدم السماح بالوقف في الاماكن  الممنوعة وغيرها مما يسهم في الحفاظ على الطرق التي تتولى أمانة بغداد مسؤولية صيانتها، وفي ما يتعلق  بتشغيل الإشارات الضوئية؛ فإن القسم المروري في أمانة بغداد قام بتأهيل وصيانة الاشارات الضوئية كافة وهي جاهزة للعمل، وسبق للأمانة أن فاتحت وزارة الكهرباء لاستثنائها من القطع المبرمج ونأمل أن تستجيب الوزارة الى ذلك من أجل تسهيل انسيابية المرور في عاصمتنا".
وأوضح العيساوي خلال حديثه لـ"الصباح"، أن "هناك لجنة مرورية بين امانة بغداد ومديرية المرور العامة يترأسها الوكيل البلدي وتضم في عضويتها مدراء المرور في قاطعي الكرخ والرصافة تجتمع بشكل دوري لمناقشة التحديات والقضايا ذات الاهتمام المشترك وإيجاد حلول ناجعة لها، إضافة الى أن هناك قسما مروريا في أمانة بغداد تابع الى دائرة المشاريع يتولى صيانة وتأثيث الطرق والشوارع ونصب الاشارات المرورية الضوئية ولوحات الدلالة والعلامات المرورية في عموم الشوارع الرئيسة للعاصمة بغداد، بالإضافة الى وجود أقسام للطرق
 في جميع دوائرنا البلدية تقوم بتأهيل الطرق والشوارع أو معالجة الأضرار والتخسفات الحاصلة فيها وهذا يصب في الهدف المنشود في الحفاظ على سلامة مستخدمي الطرق
 ومركباتهم".
محطات الوزن
مدير إعلام الطرق والجسور التابع لوزارة الاسكان والاعمار شوكت كاظم خضير اكد في تصريح لـ"الصباح"، " ان الطرق الخارجية وطرق المرور السريع والجسور التي تقع على الأنهر تقع على مسؤوليتنا، ومن ضمن خطة الوزارة إنشاء طرق ثانية للطرق الرئيسة تربط بين المحافظات مع ربطها بالخط السريع؛ على سبيل المثال ربط طريق حولي بين الكوت والعمارة والبصرة من دون دخول المركبات داخل المحافظات مما يخفف من حدة الزخم المروري في تلك المحافظات".
وبين خضير، ان "عدم الالتزام بوزن الحمولة سيؤثر وبشكل كبير في الطرق لذا يجب تطبيق قانون رقم 6 "محطات الوزن" وإعادته الى الواجهة خصوصاً وإن هناك ما يقارب 75 محطة غير مفعلة لقياس الحمل والتي يمكن من خلالها إجبار السائق على الالتزام بالوزن المحدد، لذا فإن أي عملية صيانة وإعادة تأهيل للطرق لا تنفع ما لم يتم تفعيل دور محطات الوزن حتى وإن كانت تحت إشراف المحافظات".
 
كاميرات المراقبة
وعن عمل الكاميرات الرئيسة المرتبطة بين محافظة بغداد ومديرية المرور العامة، أوضح مدير إعلام المرور الدكتور العميد مؤيد خليل سلمان لـ"الصباح"، انها "مخصصة لالتقاط الزخم المروري عن طريق الكيبل الضوئي وليس لتسجيل المخالفات"، معرباً عن أسفه لعدم وجود إمكانية لرصد رقم المركبة إلا في الأماكن القريبة جدا.
ويوضح عضو اللجنة الامنية لمجلس محافظة بغداد سعد المطلبي أن، "لمجلس المحافظة كاميرات تغطي مساحة كبيرة من بغداد وتغطي التقاطعات الرئيسة، والمسؤوله عن تشغيلها هي الاجهزة الاستخبارية والمخابرات والامن الوطني ووزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد".
وأضاف المطلبي خلال حديثه لـ"الصباح"، أنه "لاستخدام هذه الكاميرات من قبل مديرية المرور العامة لضبط المخالفين ورصد أرقام المركبات، فإننا نحتاج إلى إشراك ضباط مرور لغرض تصوير الحالات المخالفة، إضافة الى تعديل الكاميرات لالتقاط أرقام المركبات بصورة واضحة"، لافتاً، أنه "في الوقت الحاضر لا يمكن تطبيق هذه الإجراءات إذا لم يتم إجراء التعديل المتعلق بـ (السوفت وير – البرامج والأنظمة الخاصة بتشغيل الكاميرات) وتعديل (الرزليوشن – دقة الصور الملتقطة وحجمها) مع إمكانية كشف الرقم مستقبلا إذا ما جرى هناك تعاون بيننا وبين مديرية المرور وإشراك كادر منهم في عملية التشغيل كما ذكرت سابقاً".
 
المساوئ والثغرات
يسعى قانون المرور الجديد الى وضع حد لاستهتار بعض السائقين ممن يقودون سياراتهم بسرعة ورعونة من دون مراعاة للسابلة أو السيارات الاخرى، كما وإنه لم يغفل عن مسألة الحد من قيادة الاشخاص ممن هم دون السن القانونية والذين لم يمنحوا إجازة السوق، الامر الذي من شأنه أن يقلل من الحوادث المرورية خصوصاً إذا ما علمنا أن أكثر من 10 بالمئة من الحوادث يكون أصحابها من فئة الشباب والمراهقين بحسب إحصائية مثبتة.
وقال الاعلامي علي رحيم اللامي في تصريح لـ"الصباح": إن "القانون نص على عدة أمور ظاهرها خدمة المواطن ومستخدمي الطرق، لكن باطنها سيحمل الكثير من المساوئ والثغرات، وقبل أن نتطرق لها يجب أن نعلم بأن قانون المرور المعدل سيصطدم بعدة عوائق إذا لم يطبق على الجميع وستكون هناك جهات متنفذة مستثناة منه،  لذلك سيفقد الكثير من خصوصيته وأهميته التي شرع من أجلها".
واضاف اللامي، ان "آلية تطبيق القانون، لربما ستكون بلاء على السائقين إذا ما وقعوا  ضحية للابتزاز من قبل بعض منتسبي المرور والذين سيتحينون الفرص لاستغلالها، لذلك فإن تطبيق القانون يحتاج الى عدة مقومات لانجاحه قبل المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية وتطبيقه فعلياً، منها إيجاد بنية تحتية مناسبة لتطبيقه مثل تفعيل الاشارات الضوئية ونصب كاميرات مراقبة على جميع الطرق ونصب كاميرات داخل سيارات المرور لرصد عملية تسجيل المخالفة والحوار بين السائق ورجل المرور في حالة حدوث أي مشاجرة أو اعتداء من قبل أي طرف، اضافة الى فتح قنوات مباشرة مع الجهات المعنية في حالة وجود شكاوى على رجال المرور ومحاولة البت بها بأقرب وقت ومحاسبة المقصر، ليكون رادعاً قويا لكل ضعاف النفوس ممن يحاولون استغلال الوظيفة لمنافع شخصية".
 
تطبيق وحملات توعية
بشأن ما تناقلته أغلب مواقع التواصل الاجتماعي حول التشكيك بموضوعة تطبيق القانون واستثناء بعض الجهات، أوضح مدير الاعلام والعلاقات العامة العميد مؤيد سلمان أن "القانون سيطبق على الجميع من دون أي استثناء، فالقانون في حالة المخالفة لا يميز بين شخص أو آخر".  واشار سلمان الى نقطة جديرة بالاهتمام خلال حديثه لـ"الصباح"، بأنه "من ضمن التعليمات المنبعثة من قانون 86، هي مخالفة رمي النفايات من نافذة المركبة وفرض غرامة 30 الف على كل شخص يرمي النفايات من المركبة، وضمن التعديل الجديد فرض غرامة 100 ألف على كل شخص يرمي نفايات من المركبة، وهذا الامر لا يتعلق بالغرامة بقدر ما يتعلق بتثقيف المواطنين، لذا قامت مديرية المرور العامة بطبع ما يقارب 10 آلاف كيس للنفايات كتب عليها "لغرض بغداد أجمل وانظف" وتوزيعها بين التقاطعات على اصحاب المركبات والتوضيح للمواطن بأهمية الحفاظ على شوارع بغداد من رمي الاوساخ والنفايات بما يتنافى
 مع الذوق العام".
وفي ما يتعلق بالمركبات التي لا تحمل شروط المتانة والامان والتي أكد عليها القانون من ضمن فقراته وفرض غرامة 200 الف دينار أوضح العميد سلمان، ان "استيراد المركبات ليس من مسؤولية المرور العامة وإنما من مسؤولية الهيئة العامة للجمارك اضافة الى التقييس والسيطرة النوعية التي تعتمد على قياس كفاءة المركبة من عدمها، ونحن كمديرية مرور بعد مطابقتها للشروط تسجل فقط الفحص الفني داخل المرور لقياس مدى كفاءة المحرك والتعرف على رقم الشاصي ونمتنع فقط عن تسجيل المركبة في حالة واحدة إذا كانت تزيد على السنة التي تدخل بها بسنتين، فالمركبة المصنعة في 2016 يمنع تسجيلها للمرة الأولى في 2019، ولكن الاعتراض على مواصفات المركبة هذا الامر خاضع الى التقييس والسيطرة 
النوعية".