قراءة في تاريخ شعب

ثقافة شعبية 2023/11/09
...

  عرض وتقديم جعفر لبجة

أسم المؤلف: عبد الكريم هداد، الطبعة الثانية 2011، الناشر، دار ميزوبوتاميا، شارع المتنبي/ بغداد، وقبل أنْ ندخلَ في محتويات الكتاب علينا أنْ نقدم المؤلف.. بطاقة تعريفه، إصداراته كي نستوفي من هذا الكتاب أهميته ومكانته بين الكتب ومكانة مؤلفه وهذا ما يحكم عليه القراء بمختلف أبجدياتهم الشعريَّة أولاً والثقافيَّة والأدبيَّة والسياسيَّة ثانياً، فلا يمكن للشعر أنْ ينحى منحى من دون أنْ يكون للسياسة دخلٌ فيه وإلا فإنَّ الشعر سيكون في خانة المهملات ولذلك فإنَّ شعراءنا الأفذاذ كانوا مثالاً لجدران الصد ضد الطغاة الذين أرادوا منهم أنْ يكونوا عبيداً، رقاً، لذلك نرى أنَّ شعر أولئك الشعراء الأحرار ما زال يجري مجرى الدم، تحملوا الجوع والفاقة والحرمان بكل شجاعة النبلاء والفرسان فلم يخنعوا ولم يستسلموا وأعطوا الكلمة حقها منها ولم يهادنوا، روعوهم بالقتل وقتل أسرهم واغتصاب نسائهم لكنهم كانوا مؤمنين بذلك القلم الذي عرفهم وعرفوه فكانوا أفذاذاً لم يدانهم أحدٌ سواء أكان ذلك في شعرهم أم في
أخلاقهم.
والمؤلف هنا أراد أنْ يبرزَ تلك الشخصيات التي أدمنت الشعرَ وأدمن بها، أراد أنْ تكون تلك الشخصيات هي عنوان من لا عنوان له من المقامرين ممن تخلى عن شخصيته المتزنة وذهب إلى من لا يستحق الإطراء، لذلك خلد شعر مظفر النواب، وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري وغيرهم الكثير الكثير من أرادهم الطغاة أنْ يكونوا بيادق يتناقلونها أنى شاؤوا، لكنهم كانوا أكبر من كل الإغراءات وأكبر حتى من أنفسهم حيث فضلوا الفاقة على كابونات النفط والدولارات المغمسة بدم الشعوب، فعاشوا عيشة الغرباء وماتوا ميتة الشرفاء بعيداً عن أوطانهم التي أحبوها وعيونهم ترنو إلى مساقط رؤوسهم وأحبائهم الذين فارقوهم.
مات الكبير الجواهري غريباً ومثله مات الرائد عبد الوهاب البياتي لا لشيء إنَّما لأنَّ أفكارهم ورؤاهم تتقاطع مع رؤى السلطات الدكتاتوريَّة.. ولكنْ حين يكون السؤال: من هو الذي خلد بشعره وعقيدته سيكون الجواب ناصعاً أنهم أولئك الأحرار الذين لم يرتضوا أنْ يبيعوا شعرهم بدريهمات ترهقهم وتجعلهم من تجار الكلمة، فارتضوا الفاقة والتشرد والحرمان بل فضلوا الموت على أعتاب الغربة وبذا أوجدوا لهم مكانة مقدسة في قلوب محبيهم وشعوبهم، وبالتالي سموا بشعرهم إلى درجات الكمال والكرامة.
ولد المؤلف عبد الكريم هداد في مدينة السماوة عام 1961، وفي العام 1982 رحل من العراق بحثاً عن ملجأ آمنٍ واستقر في السويد منذ العام 1990، له مقالات وقصائد في صحف المنفى وبعض الصحف العربيَّة هو عضو اتحاد كتاب السويد منذ العام 1996، له اهتمامٌ في كتابة الأغنية العراقيَّة في المنفى وله نصوصٌ غير ملحنة، له بحوثٌ ومقالاتٌ بشأن الأغنية العراقيَّة نشر البعض منها.
اعتمدت قصيدته (سفينة نوح) كسيناريو لفيلم تسجيلي عن اللاجئين القادمين إلى السويد عام 1990 لحساب قناة التلفزيون الأولى-ستوكهولم.
للمؤلف إصدارات مهمة في المنفى نذكر منها:
1 - طفل لم يرم حجراً – شعر عام 1995 وهناك طبعة سويديَّة أخرى ترجمة مجيد الكعبي – السويد عام 1999.
2 - آخر حزن – شعر شعبي عام 1999.
3 - جنوباً هي تلك المدينة.. تلك الأناشيد – شعر – دمشق عام 2001 وهناك طبعة سويديَّة عام 2004 ترجمة المستشرق السويدي دارباران.
4 - طيور العصر – شعر شعبي عراقي CD السويد 2002.
5 - مدخل إلى الشعر الشعبي العراقي – قراءة في تاريخ شعبي – دراسة موثقة – السويد
2003.
وهو الكتاب الذي بين يدينا. وله إصدارات أخرى في دمشق والمغرب، أما في بغداد عن دار ميزوبوتاميا فلقد صدر له (حزن منفى) - شعر شعبي عام 2009.
ولقد علق على هذا الكتاب القيم مجموعة من كبار الكتاب والشعراء فالشاعر الروائي عباس خضر يقول: "تأتي أهميَّة هذه الدراسة في أنها ليست سرداً تاريخياً لهذا النوع الأدبي فقط، إنما محاولة (قراءة في تاريخ شعب) خلال أكثر من قرنٍ من الزمان عبر همومه وآماله وأحزانه وانتكاساته التي عبر عنها على شكل قصائد... الخ.
أما الراحل الكبير الشاعر كاظم السماوي فقد ابتدرنا بالقول إنَّ "كتاب كريم هداد هذا مرجعٌ موضوعيٌ ومهمٌ للشعر الشعبي العراقي ونماذجه وشعرائه، وهو علامة بما تنجزه مدينة السماوة ومدينة النخيل والكفاح الثوري منذ ثورة العشرين ولما تزل".