"أنا عراقي.. أنا أقرأ".. كرنفال ترسيخ الهويَّة الثقافيَّة

ثقافة 2023/11/12
...

 بغداد: نوارة محمد  


انطلقت أمس السبت فعاليات النسخة العاشرة من مهرجان «أنا عراقي.. أنا أقرأ» على ضفاف نهر دجلة بحضور كبير.. 

هذا الكرنفال الذي شهد توزيع 40 ألف كتاب بشكل مجاني، يعده مثقفون رسالة واضحة تؤكد أنَّ العراق بلد ثقافي يليق بعراقته وعمقه التاريخي، اهتمَّ كثيرا بالهوية الثقافية وهو أيضا تذكير بأهمية الكتاب، الأمر الذي جعل المهرجان يشهد إقبالاً واسعًا ويلاقي رواجًا بين فئات المجتمع كافة، ويقول معاون المدير العام لدائرة الفنون الموسيقية الدكتور عماد جاسم: لهذا المهرجان دور كبير في ترسيخ الهوية الثقافيَّة، فمنذ بدايته وهو زاخرٌ بفعاليات ثقافيَّة رصينة، تستقطب الأعمار والفئات المجتمعيَّة كافة، مما جعله يشهد نجاحًا باهرًا.  

ويضيف: أقولها وبالفم المليان، كل إضاءة ثقافيّة تضيء العراق هي ترسيخ للوحدة الوطنية وترسيخ للامتياز الثقافي الذي تمتلكه البلاد، ومهرجان (أنا عراقي.. أنا اقرأ) جسّد جزءا من هذا المفهوم.  

الثورة المعلوماتيَّة، وإتاحة المؤلفات والكُتب بجميع لغات العالم إلكترونيّا على الإنترنت، وإمكانية تحميلها بالمجان وضعت سوق الكُتب الورقيَّة في خطر حقيقي، لا سيما في المجتمعات التي تعاني من الفوضى، الأمر الذي دفع صُناع مهرجان (أنا عراقي - أنا أقرأ) بنسخته العاشرة لتوفير أكبر عدد ممكن من الكتب وتوزيعها بالمجان، كما يقول رئيس مهرجان (أنا عراقي.. أنا اقرأ) الصحفي عامر مؤيد: منذ أن اجتاحت الثورة المعلوماتية عالمنا، بدت المؤلفات بجميع لغاتها متوافرة بالمجان، مما أدى إلى إضعاف سوق الكتب الورقيَّة، وهذا سببُ كافٍ يدفعنا كمؤسسين لجمع الكتب وتوزيعها بشكل مجاني. 

 ويظن مؤيد أنَّ هذا المهرجان الذي ترعاهُ رابطة مبادرة تمكين، وشبكة الإعلام العراقي، وكلية أوروك، وكلية الحكمة، ما هو إلّا تأكيدٌ على الفعل الثقافي العراقي الجاد.  

وبالاشارة إلى نجاح هذا المهرجان الثقافي الذي يرفض أن يكون هامشاً لأهداف سياسيَّة، بالتجرّد من الممارسات ضيقة الأفق لأنّه يُعنى بالثقافة وحدها، وهو الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه إدارة المهرجان، يتابع مؤيد: بعيداً عن الارتجال والممارسات الاحتفالية الساذجة نحن كُنا ولا نزال لدينا أهداف ومقاصد واضحة، ترتقي بالواقع الثقافي العراقي، وهي تتشكل بتبادل آراء لجان وهيئات إدارية بشكل سنوي، ودعوة من يعد حضورهم مكسباً حقيقياً يرتقي بفعاليات المهرجان». 

وتمر الدورة العاشرة للمهرجان والتي على ما يبدو مميزة عن سابقاتها عبر مشاركة جماهيريَّة واسعة خرجت عن المألوف، إذ تنوعت الفعاليات بين عروض مسرحية للأطفال وحفلات توقيع الكتب، وكذلك حفلة موسيقية بمراحل عديدة قبل انطلاقها، تبدأ بجمع الكتب والعد والفرز وتنتهي بوضع اللمسات الأخيرة. 

عن ذلك يتحدث عضو مؤسس في منظمة (أنا عراقي.. أنا أقرأ) حارث رسمي الهيتي لـ «الصباح» قائلاً: إنَّ «الفقرات الرئيسة للمهرجان تنوعت ما بين حفل الافتتاح وتوزيع الكتب، إلى جانب المعارض التشكيليّة وحفلات التوقيع، وانتهت بفقرة الحفل الموسيقي». لكننا قبل ذلك، كما يتابع، «قضينا شهورا طويلة من العمل المتواصل الذي لا يدرك مشقته غير القائمين على المهرجان.. وكنت فيها مسؤولاً عن العد والفرز».  

ولنا أن نتخيل لو أنّ الجهات الحكومية والمنظمات الدولية تحاول بذل جهود أكبر لتأسيس فعاليات ثقافية ومهرجانات فنية للتذكير بما لدينا، لكان ذلك مدعاة فخر على حدِّ وصف الكاتب والاكاديمي أحمد الزبيدي الذي أكد أن هذا المهرجان يُعد نقلة نوعية، فهو فضلا عن الأبعاد الترفيهيّة وجلسات القراءة الجماعيّة التي يوفرها إلّا أنّه يسهم بشكل آخر في جذب جيل الشباب نحو الكتاب، وتحفيزه لفكرة العمل التطوعي، لا سيما أن المنظمة غير ربحية، وإذ تحقق ذلك كله فإنّ هذا الأمر يستدعي الوقوف عند تساؤل يراود كثيرين عن «ماذا سيحدث لو أنَّ المؤسسات الحكوميَّة والجهات المعنية بالثقافة تبذل جهداً أكبر في تأسيس فعاليات كهذه؟». 

أما زينة عماد، وهي أستاذة تدريسية فترى أنّنا بأمسّ الحاجة إلى مثل هذه المهرجانات التي تحمل بعدًا ثقافيًا يهتم بالآداب والثقافة والفنون، كما تقول «نحتاجها لنبتعد قليلًا عن الجو السائد الذي فرضه الواقع المتصدّع على جميع الأصعدة».