توسع الحرب في الشرق الأوسط

بانوراما 2023/11/14
...

 ناهل توسي ولارا سيلغمان وبول مكليري 

 ترجمة: أنيس الصفار                                               

يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من احتمالات تصاعد العنف في الدول المجاورة لاسرائيل وتحوله إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً. ضربات صاروخية مصدرها اليمن.. سقوط قتلى في الضفة الغربية.. هجمات على القوات الأميركية في سوريا.. كل ذلك كان يحدث قبل أن تشن إسرائيل غزوها البري على قطاع غزة رسمياً قبل أكثر من أسبوعين. المسؤولون في إدارة بايدن تقلقهم بشكل خاص الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران، حيث يخشون أن تكون هذه الجماعات منهمكة في الوقت الحاضر بالإعداد لعمليات جديدة. تشمل هذه الجماعات، بالاضافة إلى حركة حماس، قوات حزب الله في لبنان وفصائل مسلحة مقرها العراق والثوار الحوثيين في اليمن.

تحدث مسؤول كبير من وزارة الدفاع، مشترطاً عدم ذكر اسمه، فقال: "نحن نرى احتمال حدوث مزيد من التصعيدات الخطيرة ضد القوات والعناصر الأميركيين في المدى القريب. ولنكن اكثر وضوحاً بشأن ذلك فنقول إن الطريق يشير إلى إيران".

المسؤولون العرب يشعرون بالقلق ايضاً، لذا يناشدون واشنطن أن تساعد في نزع فتيل التوترات باستغلال وسائل تأثيرها علىاسرائيل. 

يقول البعض إن على الولايات المتحدة أن تدعو إلى وقف اطلاق النار، لكن فريق بايدن لا يبدي استعداداً لفعل ذلك بحجة أن اسرائيل لها الحق في الرد على هجمات حركة حماس.

كلما تطاير الشرر إلى أماكن أخرى أصبح احتواء العنف أصعب، ويتوقع احد الدبلوماسيين العرب، تحدث مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن تمتد التأثيرات إلى المنطقة بأكملها قريباً ما لم تخف التوترات، وعندئذ لن ينجو منها احد.

فيما يلي بعض المناطق المحتملة لانطلاق الشرر:  


العراق وسوريا

طيلة فترة الأسابيع الماضية تعرض الجنود الأميركيون في عدد من المواقع داخل العراق وسوريا للعديد من الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ. هذه الهجمات صغيرة النطاق، حيث يلقي البنتاغون باللائمة فيها على الجماعات التي تدعمها إيران، غير أن المسؤولين يخشون استمرارها، وربما حتى تفاقمها.

ثمة قلق أيضاً من احتمال توسع الهجمات إلى مناطق أبعد من العراق وسوريا (الذين يتواجد فيهما معاً نحو 3400 جندي أميركي)، حيث يتمركز الآلاف من الجنود الأميركيين في مختلف انحاء المنطقة، بدءا من البحرين إلى الإمارات العربية المتحدة. فضلا عن أنه حتى السفن التجارية المبحرة وسط الخليج، يمكن أن تصبح أكثر عرضة للخطر، بحسب ما صرح به مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الموضوع.

قال مسؤول عسكري أميركي كبير في لقاء مع المراسلين: "نحن نعلم أن خطر التصعيد في مختلف انحاء المنطقة قائم بشكل عام، ولا يمكن الاستهانة به، وهذا سيشمل القوات الأميركية أيضا".  

رداً على الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية في العراق وسوريا أوعز وزير الدفاع الأميركي "لويد أوستن" بإرسال قوات اضافية إلى المنطقة، من بينها إعادة توجيه حاملة طائرات مع مجموعة السفن الحربية، التي ترافقها من وجهتها نحو شرق البحر المتوسط إلى قيادتها في الشرق الأوسط. إضافة إلى ذلك أمر الجنرال أوستن بنشر قدرات دفاع جوي اضافية إلى مواقع في المنطقة شملت بطاريات باتريوت ومنظومة ثاد، وفقاً 

للبنتاغون.

هناك ايضاً حاملة طائرات أخرى مصحوبة بمجموعة السفن المرافقة لها تعمل حالياً في شرق البحر المتوسط إلى جانب قوة مؤلفة من آلاف الجنود لديها أوامر بالبقاء على أهبة الاستعداد للانتشار عند الحاجة فور تلقيها الأمر بذلك. 


الحدود اللبنانية الإسرائيليَّة

وبالنظر إلى منطقة جنوب لبنان، تحولت حدود اسرائيل الشمالية مع لبنان إلى مسرح فعلي لتبادل الضربات المكثفة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حزب الله اللبناني. ووسط اطلاق الصواريخ وتصاعد مشاعر القلق من حدوث توغلات تنفذها قوات تابعة للحزب اللبناني باشرت اسرائيل إخلاء القرى القريبة من الحدود مع لبنان. 

وفي الاسبوع الماضي أفاد الجيش الاسرائيلي بأنه يستخدم الطائرات المسيرة وغيرها من الوسائل لضرب أهداف داخل لبنان من بينها مواقع عناصر حزب الله المسلحة، التي يشتبه بأنها تحاول اطلاق صواريخ مضادة للدبابات، بالاضافة إلى مجمع مبانٍ ونقطة 

مراقبة تابعة للحزب اللبناني.

هذه المناوشات وأمثالها مثيرة للقلق، ولكنها ليست أحداثاً غير مسبوقة، ولا يزال بالإمكان منعها من التصاعد أكثر، كما يقول خالد الجندي وهو محلل في معهد الشرق الأوسط. 

يضيف الجندي قائلاً: "حزب الله يواجه ضغوطاً داخلية هو الآخر، لأن لبنان في واقع الحال دولة فاشلة اقتصادياً".  

تتجنب الولايات المتحدة التعامل المباشر مع حزب الله لأنها تعتبره جماعة ارهابية، شأنه شأن حركة حماس، وفي ضوء ذلك، أوكل المسؤولون الأميركيون إلى الزعماء اللبنانيين مهمة طرح هذه المسألة على حزب الله، وهذا له تأثيره السياسي الكبير في لبنان. 

في محادثة هاتفية مع رئيس وزراء لبنان المؤقت أعاد وزير الخارجية الأميركي "أنتوني بلنكن" التأكيد على اهمية احترام مصالح الشعب اللبناني التي ستتأثر لا محالة اذا ما انجرّ لبنان إلى دوامة الصراع الذي أطلقت زناده حركة حماس بهجومها الاخير على إسرائيل في السابع من شهر تشرين الأول الماضي.

الضفة الغربيَّة

منذ هجوم قوات حركة حماس على اسرائيل لقي عشرات الفلسطينيين في الضفة الغربية مصرعهم ويعتقد أن العديد منهم قد قتلوا على ايدي مستوطنين اسرائيليين يقيمون في المنطقة نفسها، وربما انتهزوا الفرصة لزرع الخوف بين أوساط الفلسطينيين ومحاولة انتزاع اراضيهم منهم. كما شن الجيش الاسرائيلي كذلك غارات ونفذ ضربة جوية واحدة على الضفة الغربية في اقل تقدير استهدفت مسجداً زعم الإسرائيليون أن حركة حماس تتخذه قاعدة لتخطيط هجماتها ضدهم.

يشتد قلق المسؤولين الأميركيين من أن تتحول الاشتباكات في الضفة الغربية إلى مواجهات اكثر خطراً، كما يقول "جون الترمان" المحلل في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية، والذي يتبادل الحديث مع مسؤولين في الإدارة الأميركية.

كانت التوترات في الضفة الغربية مرتفعة على نحو غير معهود، حتى خلال فترة من قبل هجوم حركة حماس على اسرائيل، ومعظم ذلك كان سببه احساس الفلسطينيين بالاحباط ازاء ما يصدر من المستوطنات الإسرائيليَّة التي يبدي سكانها استعدادا متزايداً لارتكاب العنف ضد الفلسطينيين.

أما غزة، التي يسكنها نحو مليونين وثلاثمئة ألف فلسطيني ومعظمهم من المدنيين، فقد كانت تديرها سلطة حركة حماس منذ وقت طويل.

وقد تسببت الغارات الجوية الإسرائيليَّة منذ 7 تشرين الأول الماضي بقتل اكثر من 11 ألف فيها معظمهم من المدنيين.


اليمن

تركزت الانظار مؤخراً على جبهة جديدة محتملة عندما اعترضت المدمرة الأميركية "يو أس أس كارني" المرابطة عند شمال البحر الأحمر أربعة صواريخ بالستية وأكثر من اثنتي عشرة طائرات مسيرة أطلقها الثوار الحوثيون اليمنيون. 

وقد قال متحدث باسم البنتاغون إن الصواريخ اليمنية كانت متجهة شمالاً صوب اسرائيل حينما اسقطت في البحر، ويعتقد على نطاق واسع أن لدى الحوثيين صواريخ بالستية قادرة على ضرب اسرائيل. ومن غير الواضح كم هو عدد الصواريخ، التي يمتلكونها ولكن عدداً من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى إيرانية الصنع شوهدت خلال عرض عسكري كان قد أقيم منذ فترة قصيرة وسط العاصمة اليمنية صنعاء.


عواصم شرق أوسطية أخرى

ما إن انتشرت أخبار الحرب بين حركة حماس واسرائيل وصورها حتى انطلقت الاحتجاجات المناصرة للفلسطينيين في جميع انحاء المنطقة، وقد كانت المرافق الدبلوماسية الأميركية والإسرائيليَّة هي النقاط التي توجهت إليها مسيرات الاحتجاج تلك، واضطرت الشرطة في دول مثل الاردن ولبنان إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع لمنع بعض المتظاهرين من اقتحام تلك المنشآت.


عن مجلة {بولتيكو} الأميركية