{العرب وجهة نظر يابانيَّة}

ثقافة 2023/11/14
...

  كاظم الحسن                                                                                     


الدراسات والبحوث عن المجتمع العربي، من قبل الباحثين الأجانب نادرة وشحيحة وتكون استثنائية، اذا كانت كتجربة ميدانية، ويأتي هذا الكتاب لمؤلفه الياباني نوبوأ نوتوهارا في هذا السياق، وهو يريد القول للقارئ العربي، رأيا في بعض مسائله وقضاياه، كما يراها من الخارج، كأي أجنبي عاش في البلدان العربية وقرأ الأدب العربي، واهتم بالحياة اليومية في المدينة والريف والمدينة. اربعون عاما من عمري هي مدخلي إلى هذا الكتاب، هكذا يصف تجربته التي بدأها طالبا في قسم الدراسات العربية بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية، ثم مدرسا للأدب العربي في الجامعة نفسها. 

وعن زيارته للقاهرة بعد عشر سنوات، من زيارته الأولى " كانت رغبتي في الخروج إلى الشارع قد ذبلت ،لم يكن السبب  انني اكره الغبار والضجة وحرارة الشمس القوية، بل كان السبب هو أنني كنت أرى توترا شديدا يغطي المدينة كلها. ولكنني لا أستطيع أن أتجاهل حياة الناس في هذه المدينة. 

كانت وجوههم تدخل إلى عيني، وهم يمشون وكأن شيئا ما يطاردهم. وجوه صامتة وطوابير طويلة من الواقفين أمام الجمعية. لقد رأيت الباصات المكتظة تجري، بينما يتعلق ركاب بالشبابيك والأبواب!. حتى في "التــاكسـي" يـــواجــه الراكـــب اضطهادا، فالسائق يختار الراكب حسب المكان الذي يريد الذهاب اليه، ويرفض أن يقل الراكب الذي لا يعجبه شكله أو المسافة التي يقطعها. توتر شديد يجعل الناس يتبادلون نظرات عدوانية". 

اما عن غياب العدالة الاجتماعية في المجتمع العربي " أول ما اكتشفت من البداية في المجتمع العربي ، هو غياب العدالة الاجتماعية، وهذا يعني غياب المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه الناس ، مما يؤدي إلى الفوضى. ففي غياب العدالة الاجتماعية وسيادة القانون على الجميع بالتساوي، يستطيع الناس أن يفعلوا كل شيء. 

ولذلك يكرر المواطنون دائما ، كل شيء ممكن هنا، لأن القانون لا يحمي الناس من الظلم ."

الكاتب يفرق هنا بين بين طريقة تفكير الياباني والعربي في التعاطي إزاء تجارب الحروب التي مرا بهما " كثيرا ما واجهت هذا السؤال في في البلدان العربية: لقد ضربتكم الولايات المتحدة الأميركية بالقنابل الذرية، فلماذا تتعاملون معها؟

العرب عموما ينتظرون من اليابانيين عداء عميقا للولايات المتحدة الأميركية، لأنها دمرت المدن اليابانية كافة. 

ولكن طرح المسألة بهذا الشكل لا يؤدي إلى شيء.

علينا نحن اليابانيين أن نعي أخطاءنا في الحرب العالمية الثانية أولا، ثم نصحح هذه الأخطاء،لأننا استعمرنا شعوبًا آسيوية كثيرة ثانيا.

وأخيرا علينا أن نتخلص من الأسباب التي أدت إلى القمع في اليابان وخارجها. إذن المشكلة ليس في أن نكره أميركا أم لا؟. 

المشكلة في أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم نمارس نقدا ذاتيا بلا مجاملة لأنفسنا، بعدئذ نختار الطريق الذي يصحح الانحراف، ويمنع تكراره في المستقبل . اما المشاعر وحدها، فإنها مسألة شخصية محدودة لا تصنع مستقبلا" .