محمد شريف أبو ميسم
الأصل في وجود سوق للمضاربة بسعر الصرف، هو زيادة الطلب على الدولار لتمويل التجارة الخارجية جراء عدم كفاية الإنتاج المحلي من السلع لتغطية الحد الأدنى من الحاجة المحلية، ليكون الاستيراد هو السبيل الوحيد لتلبية الطلب المتزايد جراء ارتفاع معدل دخل الفرد في ظل نمط استهلاكي غير مسبوق ، فضلاً عن ما أفرزه ويفرزه الحصار الخانق الذي تفرضه الولايات المتحدة على الجارتين سوريا وإيران من طلب متزايد على الدولار في السوق العراقية من قبل تجار هاتين الدولتين، بجانب ما يتمخض عن مرحلة التكيف مع دخول التقانات وأتمتة العمليات في العمل المالي والمصرفي ، وما ينتج عنه من ارباكات ضاغطة بفعل اشتراطات "الفيدرالي الأميركي ووزارة الخزانة الأميركية" التي تحولت الى إلزامات عملية بشأن استخدام المنصات والأنظمة الإلكترونية في التبادلات والتداولات، وبالتالي شرط مغادرة أساليب العمل التقليدية، بهدف التأسيس لبيئة استثمارية تناسب حركة رساميل العولمة ، ويكون فيها الجهاز المصرفي على مستوى الصناعة المصرفية العالمية .
وعلى هذا تكون معالجة الاختلالات الهيكلية في السوق المحلية من أولويات أي معالجة موضوعية بهدف خلق التوازن بين الطلب المحلي للسلع وإمكانية القطاعات الإنتاجية للاستجابة ، بما يسهم في وضع حد للاستيراد والاعتماد على الإنتاج المحلي حفاظاً على الاستقرار النقدي وإيقاف نزيف العملة الصعبة بدعوى تمويل التجارة الخارجية.
هذا من جانب ومن جانب آخر فان التصدي للطلب غير الشرعي على العملة الصعبة في الأسواق المحلية والحد من تهريبها من قبل تجار بعض دول الجوار ، بجانب حاجة الرافضين للتعامل بوسائل الدفع الإلكتروني من التجار المحللين "كما في حالات التهرب الضريبي وسواها" ستنحسر شيئاً فشيئاً مع دخول التقانات ووسائل الدفع الإلكتروني في مجمل حالات التبادلات والتداولات الإلكترونية في النظام المالي، ابتداء من تطبيقات وممارسات المنظومة الضرائبية والتعريفة الجمركية مروراً بأساليب الصرف، وصولاً إلى وجود سوق موازية لأسعار الصرف قادرة على تمويل تبادلاته دون الاعتماد على مصدر واحد.
فيما ستسهم حالة الانسجام والتعاون بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية في وضع حد لحالات تهريب العملة كلما استطاعت هذه السلطات أن تعالج مكامن الضعف والخلل الناتج عن تراكمات السنوات السابقة التي شهدت امتداداً لسياستي الاستيراد المفتوح وانفلات السوق .