الحروب ومشتقاتها

آراء 2019/05/13
...

حمزة مصطفى

لايوجد بلد في العالم على حد علمي ومعلوماتي “تدبغ” جلده بالحروب ومشتقات الحروب مثل العراق. كثير من الشعر ينطبق علينا, بل لعله كتب من أجلنا وعلى “واهس” مصائبنا ومنه البيت المشهور “مشيناها خطى كتبت علينا”. من الأربعينيات من القرن الماضي شاركنا في حرب فلسطين. ومع أننا البلد العربي الوحيد الذي مازال “مصدك” بالقصة برغم صفقة القرن هو العراق. والدليل أننا الدولة العربية الوحيدة التي لم توقع بعد إتفاقية الهدنة مع إسرائيل أو “الكيان الصهيوني” حتى لايزعل “البعض”.
في الستينات إندلعت عندنا “حرب الشمال” بيننا وبين الأخوة الأكراد وإستمرت كر وفر طوال السبعينات والثمانينات وحتى شطر من التسيعينات الى أن أقامت الأمم المتحدة خطوط الطول والعرض. وعلى الواهس وفي الستينات شاركنا في حرب الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1967 التي إحتلت فيها إسرائيل ماتبقى من فلسطين وأراض واسعة من الأردن ومصر وسوريا.
في السبعينات وفي الوقت الذي نخوض حربا ضروسا مع الإخوة الأكراد الذين أطلقنا عليهم لقب “العصاة” على الواهس أيضا شاركنا في حرب تشرين عام 1973 التي إنتصر فيها العرب إنتصارا ناقصا. بعد أقل من عشر سنوات وجدنا أن هذه “الطكاطيك” من المعارك والحروب لاتكفي. نحن بحاجة الى حرب مال “أخ لأخوه”. وبالفعل دخلنا عام 1980 حربا لم نخرج منها الإ عام 1988. حرب أكلت الأخضر واليابس والأحمر والجوزي والبنفسجي والليموني والكلكلي.
بعد سنتين أردفناها بحرب أخرى تلاها حصار وبين الحرب التي لم تستمر سوى أيام والحصار الذي إستمر 13 عاما ذقنا كل أنواع الويلات والمصائب. ثم جاءت حرب إسقاط النظام عام 2003 ومن ثم تلتها معاركنا مع القاعدة وأخواتها ومن بعدها داعش وبنات عمها. ولأن الخطى كتبت علينا فمن غير المنطقي أن لانمشيها حروبا ومشتقاتها الى أن ينقطع النفس.
الآن تدور على مقربة منا وعلى مشارفنا رحى حرب قال فيها المحللون والمربطون مالم يقله مالك والذي خلف مالك بالخمرة. بوارج وصواريخ وحاملات طائرات ومؤتمرات صحفية وعواجل بالفضائيات عاجل ينطح عاجل. ولأننا من أصحاب السوابق بالحروب ومشتقات الحروب فقد أصبحنا خبراء حتى بالأجيال الجديدة من الصواريخ البالستية والبوارج الحربية وطائرات بي 52 ومدياتها وأين مواقعها. ولماذا بعضها بقاعدة العديد في قطر وأخرى بالبحرين وثالثة في عمق المحيط. وكيف يمكن أن تدخل مضيق هرمز وهل حين تدخل قناة السويس تدفع كمرك أم “قجغ”.
كل هذه المعلومات وسواها بتنا نتقن التعامل معها بخبرة عالية ليس بين جنرالاتنا وسياسيينا بل بين سواق التاكسيات وكاشيرات المولات ومن بقي من صباغي الأحذية في شوراع مدننا. لم تعد المهمة أمام الفضائيات في استقطاب شتى أنواع المحللين والخبراء الإستراتيجيين .كل عراقي عند الحاجة خبير وسياسي محنك يضعك تماما في الصورة وكإنه فطر على مائدة حسن روحاني وتناول السحور مع دونالد ترامب. ليس هذا فقط فإن من يجلس مع روحاني وترامب يجعل كلا الرجلين يبكي قائلا .. كل هذه المصائب يمكن أن تحصل وأنا أدق طبول الحرب و”ماملحك”.