بغداد: مآب عامر
تأمّل رسومات (نايا) التي زيّنت صفحات مجموعتها الشعريَّة "أنا نايا" الصادرة عن دار"موزاييك" تأخذك لفضاء العلاقات الاجتماعيّة العائلية، وما يدور فيها، فالشاعرة نايا علاء البديري تصور في نصوصها فكرة مفادها بأنّ "البحث عن الحب لا يحقق لك وجود الحب في حياتك، ولكن أن منح الحب سيحقق وجوده"، ومع الألوان المائية تحكي "ما يمثله العطاء من دون مقابل، وهذا ما يجعل عطائها دوما له مقابل". أنجزت نايا التي هي من مواليد الإمارات العربية المتحدة 2010، من أب عراقي وأم فلسطينيّة رسومات تعبيرية حيوية تحاول من خلالها الحفاظ على ذلك الارتباط الوثيق المخفي بين الألوان واللغة، وما تبقى من أشكال وخطوط لا تنفصل أبداً عن عوالمها الطفولية، مثل اللون الأحمر الذي يغطي اللوحة بتموجاته الساحرة على الرغم من وجود بعض الألوان هنا وهناك كالأصفر والأبيض، وإن برز الأزرق إلا أنّ المتلقي سيفكر بحجم ألم ودمار العالم الذي تجسده نايا هنا، ولكن بعفوية فنانة، كما في نص "البنت التي تضربني في المدرسة صارت صديقتي أنا لم أضربها أبدًا قلت لها أنا أحبك فلماذا تأذيني؟ أنا ألعب تايكوندو وأقدر أن أضربك لكنني أحبك ولا أريدك أن تبكي صرنا أنا والبنت التي تضربني صديقتين". نصوص نايا ولوحاتها تحرّر العواطف والمشاعر، نظمت بعفوية وتلقائية وكأن الشعر لعبة كلمات سهلة، ضمت المجموعة الشعريّة ما يقارب 65 نصاً رافقتها 25 لوحة بدت وكأنها نصوص أخرى مكمّلة إذ تخضع لأفكار حرّة توظف الألوان لرغباتها. ويذكر أن نايا علاء البديري المقيمة في سويسرا، هي شاعرة ورسامة وعازفة كمان ومغنية أوبرالي.. تتحدث ثلاث لغات الألمانية الإنكليزية والفرنسية، فضلاً عن لغتها الأم. جاء كتاب "أنا نايا" في 158 صفحة، واختيرغلافه من إحدى لوحاتها:
"طلبت من أمي أن لا تغّني لي أغنية فيروز
يلا تنام ريما
ويلا يجيها النوم
لأنّ صوتها يبكي وقلبي يبكي معه".
"اضفري شعري جديلتين يا أ ّمي أريد أن أتأرجح ".
أمي في المشفى
وأنا مع الجارة التي هدّدتني بالبوليس
إذا لم أتوقف عن البكاء
حضرت لي بيتزا ولم آكلها
رسمت قلوبًا كثيرًة لأّمي وتركتها مع البيتزا.
أمي سافرت إلى أفريقيا وهي صغيرة لم أكن في بطنها كنت في أحلامها. الله لا يعطي الأعمى عينين في وجهه،
بل في قلبه. نايا في الرسم لا تختلف عن الشعر فهي تنساب مع اللون ببراءة وعفوية مفرطة من دون أن تفكر في تشكيل الفراغ أو مساحات الظل والضوء هي تريد أن تقول ما في قلبها بطريقة مختلفة، في لوحة لها تظهر الأجساد الملونة وهي تقفز وتتحرك بلغة هي تريد منها أن تكوّن جملة ما، الجسد ولونه وحركته هما مساحة التأويل التي تتركها نايا مفتوحة، أو لعلها لا تعترف به أصلا فكل ما تريده أن تقف أمام اللوحة وتمسك الفرشاة لترسم– كما تظهر في إحدى الصور- وماعدا ذلك كلام لا يهم نايا التي تعرف كيف ترسم بالكلام وتتكلم بالرسم.