مراهقات يغادرن طفولتهنَّ للزواج والإنجاب

ولد وبنت 2023/11/20
...

 سرور العلي

بالرغم من سنها الصغيرة إلا أن زينب حسن أصبحت أماً لثلاثة أطفال، ومن حين لآخر تشعر بالانزعاج، كونها لم تعش مراهقتها كباقي الفتيات، فقام والدها بتزويجها لأحد أبناء عمومتها، عندما بلغت سن الرابعة عشرة، وتقول عن ذلك: «أشعر أحياناً بالحسرة والكآبة، لأنني تحملت مسؤولية الأمومة بوقت مبكر، فلم أكمل تعليمي، وما زالت لديَّ رغبة باللعب مع الأطفال».

وأشارت رغد فراس (24 عاماً)، إلى أنها أجبرت على الزواج من ابن صديق والدها بسن الخامسة عشرة، ولم تكن حينذاك تعرف شيئاً عن الزواج، سوى أنه ارتداء فستان الزفاف، واليوم لديها خمسة أطفال، ولم تستمتع بحياتها كباقي الفتيات، مؤكدة:»أتمنى من الأسر ألّا يجبرن بناتها على الزواج، وتحمل مسؤولية الأمومة مبكراً، وتهيئتهن نفسياً وفكرياً، ليكونن قادرات على تلك المهام في المستقبل».

ولفت الطالب الجامعي علي أحمد إلى أن ممارسة البنت هكذا دور في المجتمع، وهي ما زالت قاصرا هو سلب لطفولتها، وانتهاكًا لحقوقها وإرهاقًا لصحتها، إضافة إلى أن الأمومة المبكرة تسبب بقلة فرص التوظيف، وبالتالي انخفاض مستوى الدخل للأسرة.

وترى الممرضة رؤى حسين أن معظم القاصرات، وممن ينجبن مبكراً يواجهن تحديات عدة، ومنها عدم تحمل الأبوين رعاية الأطفال، وتفاقم المشكلات الزوجية، ومن ثم انفصال الزوجين في أحيان كثيرة، ليكونوا الأبناء ضائعين وسط أسرة مفككة لا تقدم التربية السليمة، ولا يحظون بفرص عيش سعيدة، كما أن توارث المجتمع للكثير من العادات الخاطئة التي تناقلتها الأجيال، إذ يعتبر البعض بأن تصبح البنت بعمر صغير أماً هو إنجاز لها، وترويج فكرة بين الفتيات بأنه استقرار، وبالتالي ستقع عليهن مسؤوليات كثيرة.

مضيفة “من الضروري وضع الضوابط التي تمنع الحمل للأعمار الصغيرة من الفتيات، وتغير سلوكهن في الحياة، وحثهن على التعليم وتوعيتهن بالمخاطر، والحد من الزواج المبكر”. 

الدكتور خلدون أقبال أوضح أن الموضوع له تأثير على البنت، لا سيما أنها غير مؤهلة بهذا السن فهي غير قادرة على الإنجاب، وتحمل الآلام الولادة، وأضرار صحية ومنها ولادة أطفال غير أصحاء، وأوزانهم ضعيفة، ويعانون من فقر الدم، وأمراض القلب، وسوء التغذية، والتعرض للنزيف الحاد أثناء الولادة، أو الإجهاض المبكر بسبب عدم نمو البنية الجسدية للبنت، كما أنها غير ناضجة فكرياً وعقلياً لتربية الأولاد، كذلك ستترتب عليها عواقب أخرى، كعسر الولادة، ولا اعتقد أن هناك آثارا إيجابية في الأمر، الإ بحسب المجتمع له نظرته، وهي أن الأطفال سيكبرون مع أمهم.  

د.ناز بدر خان السندي، أستاذة العلوم النفسية  والتربوية في جامعة بغداد أوضحت:”يعدُّ الإنجاب من المشكلات التي تعاني منها الأم القاصر، وتسبب لها بآثار نفسية، لا سيما بعد فترة الولادة، فهي غير مؤهلة لتكون زوجة من الأساس لا من الناحية البايولوجية ولا النفسية، وما زالت في طور الطفولة ومشاعرها، حتى وإن كانت تبدو بالغة للآخرين، فالبلوغ البايلوجي هو ليس بلوغا نفسيا، وقد يكون هناك نوعٌ من التغير في حياتها، لكن تبقى المشاعر والأفكار والتنشئة والتربية تختلف جذرياً عما هو موجود في الواقع، حتى وإن كانت البنت قادرة على الإنجاب، لكن في داخلها ما زالت طفلة، ولا يمكنها أن تكون وسط هذا الحدث الكبير والمهم، لذلك نجد هناك الكثير من المشكلات التي تعاني منها الأم القاصر، فتكون مشتتة وستقصر في تربية أطفالها، وتحمل مسؤوليتهم، ومستقبلاً ستكون مهملة في بعض الجوانب، ولا تؤدي دورها كأم بشكل كامل، وتدخل في مرحلة كآبة طويلة وقد تكون سوداوية، وهو احتمال كبير جداً».