ستون شمعة تضيء {التراث الشعبي}

ثقافة شعبية 2023/11/23
...

 عرض: عادل العرداوي

من حق مجلة العراق الأولى (التراث الشعبي) علينا أن نستذكرها بالعرفان والإشادة والتثمين، وهي ونحن معها نوقد شمعتها السنوية (الستين) في نهاية هذا العام/ 2023.. وغني عن القول فإن من النادر أن تجد مجلة أو مطبوعا دوريا في تاريخ الصحافة العراقية الطويل، نعم أن تجد مجلة معمرة ومزدهرة ومتواصلة بالعطاء والاصدار كما هو حال مجلتنا العتيدة (التراث الشعبي)، التي مرت هي الأخرى بمراحل (مد وجزر) توافقا مع الظروف غير الطبيعية.
 التي مر بها بلدنا العراق طيلة الـ (60) سنة المنصرمة، والتي انعكست أحداثها على مجمل الحياة العامة، ومنها الجانب الثقافي وما يصدر منه من مطبوعات، سواء مطبوعات عامة أو مطبوعات دورية مثل (التراث الشعبي)، التي بدأت مجلة شهرية
تصدر عن دار الشؤون الثقافية بوزارة الثقافية، وانتهت  اليوم إلى (فصلية) وأملنا وطموحنا أن تعود إلى وضعها الطبيعي، وأعني بذلك الإصدار الشهري، بعد أن حققت لها مكانة مرموقة وأصيلة في ذاكرة الثقافة العراقية طيلة الستين سنة الماضية، وذلك في حفظها لجوانب مضيئة  من مأثورنا وتراثنا الشعبي العراقي الثر.
(التراث الشعبي) التي بدأت أولى خطواتها في نهاية عام/ 1963، وبمبادرة فردية من قبل مجموعة خيرة من أساتذتنا الراحلين، وهم بلا شك من المعنيين بالأدب والتراث الشعبي وجمعه ودراسته ونشره، هم كل من (لطفي الخوري، وابراهيم الداقوقي وعبد الحميد العلوجي، وشاكر صابر الضابط)، هؤلاء الافذاذ كانوا قد أسسوا لمشروع وطني واسع الأطراف، هدفه حفظ وتوثيق تراثنا الشعبي وحمايته من الضياع
والإهمال والطمس والانتحال، وذلك باقدامهم على تأسيس أول مجلة تعنى بهذا الجانب المهم، وأثمرت جهودهم فعلاً عن صدور العدد الأول من مجلة (التراث الشعبي)، حيث تحملوا تكاليف طبع أعدادها الاولى من جيوبهم الخاصة، قبل أن تلتحق المجلة عام/ 1969 بركب وزارة الثقافة، لتصبح بعدها واحدة من مجلاتها  الرصينة الاخرى مثل (الأقلام والمورد والطليعة الأدبية، ومجلتي والمزمار) وغيرها من المطبوعات الثقافية الاخرى.. وهكذا فقد استمرت (التراث الشعبي) في مسيرتها مواصلة الإصدار، رغم كل الظروف التي مرت بالبلد طيلة (60) سنة ماضية، وهذا أمر مهم وحيوي، فقد خلقت طيلة مسيرتها الطويلة طيفاً واسعاً من الكتاب والباحثين المرموقين في مجال الفولكلور والموروث الشعبي ومن مختلف مدن العراق، بينما فتحت صفحاتها ايضاً لعشرات من الكتاب والباحثين العرب لنشر موضوعاتهم فيها برحابة صدر واهتمام بالغين، وأعداد المجلة المتواصلة شاهدة على ذلك.. وكنا نحن ممن كانت لنا مساهمات متواضعة في هذه المجلة اسوة بزملائنا الاخرين من المهتمين بالتراث الشعبي، الذين احتضنتهم المجلة طيلة مسيرتها المديدة..
ولا بد من الاشارة  هنا بعين التقدير والتثمين  ايضاً للجهود، التي بذلت من قبل الزملاء الذين تولوا مهمة قيادة المجلة، بدءاً من دار الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة الراعية لها وانتهاءً  برؤساء تحرير المجلة الافاضل منذ عام/ 1969 حتى الوقت الحاضر، وهم الذوات (لطفي الخوري، وعبد الصاحب العقابي، وباسم عبد الحميد حمودي، وكاظم سعد الدين،
وقاسم خضير عباس، والدكتور صالح الزامل) والزملاء الآخرون الذين عملوا لسنوات عدة في هيئة تحريرها وقسمها الفني  وادارتها وتوزيعها والمطبعة التي تطبع فيها (مطبعة دار الشؤون الثقافية)، وكل جهد خير وأصيل بذل ويبذل في ادامة زخم هذه المجلة العراقية الرصينة، التي تربينا وتعلمنا في فنائها الوارف الظليل لخدمة وتوثيق واحياء تراثنا الشعبي
العزيز.